"ماضونَ خلفكَ سيّدي ماضونَ"

 

مسعود الحمداني

 

(1)

ماضونَ خلفكَ سيّدي ماضونَ

عهداً علينا باقياً ومصوناً

ماضونَ صفاً واحداً لا ننثني

سمعاً علينا.. طاعةً.. لكَ عَونا

تشرفتُ أن أكون كاتب كلمات أول نشيد رسميّ لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- في عهده الزاهر والمتجدد بالعطاء بالخير، بعد حداد الأربعين، والذي تمَّ بثه في وسائل الإعلام المحلية، هو شرفٌ وأيّ شرف، فأنْ تكون ركناً من أركان عمل كهذا هو بمثابة وسام خالد، وفخر لكل شاعر دون شك، ويبقى العمل الفني- مهما كمل- قاصرا عن توصيل رسالة الحب والولاء للسلطان الذي حمل راية القيادة، بعد سلطانٍ ملأ الدنيا، وشغل القلوب، فالشكر للجنة العليا للاحتفالات التي منحتني هذا الشرف، وللمخرج إبراهيم قنبر، وكذلك للملحن إدريس الرحبي.

ورغم قصر المدة الزمنية لكتابة وتنفيذ العمل والتي لم تتجاوز أربعة أسابيع، وضيق وقت التسجيل والذي تمَّ في القاهرة بمُشاركة أكثر من 260 عازفا ومؤديا، وظروف المونتاج، إلا أنَّ إصرار اللجنة العليا، وعزيمة المخرج كانا عاملين حاسمين في إنجاز العمل، ورغم بعض الملاحظات الفنية، إلا أنَّ هذا العمل يؤرخ لمرحلة متجددة من الولاء والوفاء والعطاء.

(2)

هناك الكثير من الأعمال الفنية والقصائد التي كتبها أبناء الوطن في رثاء المغفور له بإذن الله السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور- طيّب الله ثراه- والذين كتبوا نصوصاً موازية للسلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله- وهي أعمالٌ صادقة، ونابعةٌ من حبٍ للوطن والسلطان، وتعبّر عن التفاف الشعب حول القيادة الحكيمة، فالشاعر الحقيقي لم يكن منفصلاً عن اقعه، ولم يكن بعيدا عن الأحداث في بلاده، وإلا كان مجرد رقم في خانة لا يعتد بها من قوائم الناس.

(3)

لم يبقَ شاعر لم يكتب مرثية في المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور- رحمه الله- ومن لم يكتب احتفظ بحزنه المفرط في قلبه، ورأى أنَّ الحدث أكبر من القصيدة، ولا شك أنَّ عهد جلالة السلطان هيثم بن طارق- حفظه الله- سيُواصل دعمه للشعر، والموروث الثقافي والأدبي، كما كان سلفه، حيث لم تكن تمر مناسبة وطنية دون أن يشرك ـ رحمه الله ـ الشعراء فيها، ولعل جولات جلالته ـ طيب الله ثراه ـ في الولايات أكبر شاهد على ذلك، حيث كان الشعرُ مسكَ ختامٍ لحدث الجولة آنذاك.

(4)

أن تنتقل- كشاعرٍ- من رثاء حاكم عزيز على قلبك وذاكرتك، إلى ذكر مناقب حاكم جديد، ليس بالأمر السهل، خاصة إذا كان الحاكمان يمثلان درة التاج، ورمزا رفيعاً للبلاد، ويتمتعان بقيمة نبيلة في نفوس الجميع، ولكنها سنة الحياة، وفيصل الأمر.

وخلال فترة الأربعين يوماً من الحداد، امتنع كثير من كتّاب المقالات- وأنا منهم- عن الكتابة في ما هو بعيد عن حالة الحزن الذي يمر به الوطن، وفاءً وعرفانا لقائد عظيم مرَّ على هذه الأرض، ورَكَز فيها راية أثره الذي لن تنساه ذاكرة كل عُماني.

رحم الله السلطان قابوس بن سعيد رحمة واسعة، وجزاه عن وطنه وشعبه خير الجزاء، وحفظ الله جلالة السلطان هيثم بن طارق وأعانه على حمل الأمانة، وهو أهل لها..

فعلى بركة الله تسير عمانُ إلى عهدٍ متجدد من الخير والعطاء.