الأخلاق الإنسانية

◄ الإنسان الحيوي والشجاع والمقدام والفاعل والحر وغير المتردد والنادر.. تتقدم به الدول ويعلو شأن المجتمعات به

 

يوسف عوض العازمي

alzmi1969@

 

"ﺣﺘﻰ ﻳﻮﻟﺪ ﻣﻨﻚ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﺠﻢ ﺍﻟﺴﺎﻃﻊ، ﻻ ﺑﺪ أﻥ ﺗﻤﺘﻠﺊ ﺭﻭﺣﻚ ﺑﺎﻟﻔﻮﺿﻰ" - فريدريك نيتشه.

أحد الأصدقاء دارس للفلسفة، ويعشقها ولها اعتبارات في نفسه، أرسل مرة "قدم الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه، أطروحة جديدة في الأخلاق، وتقوم على الثنائية الشهيرة (أخلاق السادة، أخلاق العبيد)، لكل منهم صفات خاصة عن الأخرى، لكن أبرز ما يُميزهم عن بعض هو إرادة القوة والاقتدار التي يمتاز بها الإنسان الأسمى عن الإنسان في القطيع).

إرادة القوة، والإنسان الأسمى، هناك إنسان القطيع وهو يملك مميزات فاسدة، فهو ضعيف وجبان وصاحب قيم (أجبره الضعف عليها)، ومستعبد وخاضع ويثير الشفقة، والأعداد مثل حالته كبيرة، ومثل هذا الإنسان يُسهم دون قصد بانهيار منظومة الأخلاق، وبالفساد المالي والإداري، ويتعلق بحبال مبادئ بائسة لا يجدها سوى حبل للنجاة، فهو لا يملك قرارًا سوى الخوف والخضوع!

وهناك الإنسان الأسمى وهو حيوي وشجاع ومقدام وفاعل وحر وغير متردد ونادر، في مثله تتقدم الدول ويعلو شأن المجتمعات، وتقيد منظومات الفساد وتتم محاصرتها، يسير على مبادئ حقيقية لا يتأثر بانفعال ولا بافتعال.

وفي زماننا الحالي، نجد أنَّ هناك من يملك العلم وفي رصيده مال وفير، ويتبوأ المناصب العاليه، لكنه عبد لا يملك حرية، ولا يملك حتى كلمة يلتزم بها، مثل هذا لا ينفعه لا علمه ولا ماله ولا منصبه؛ فالحياة كلها لا تساوي وقفة عز، وموقفا كريما.

وهناك العبد بقرارة نفسه؛ إذ هو من يسعى للعبودية، لو لم يكن له صَنَم لصنع صنمًا وعبده! ومثل هذا هو أخطر أنواع العبودية، فهو عبدٌ للهوى، للمال، للمناصب، يعيش حياته على منطق مات الملك عاش الملك، لا تبحث عنده عن منطق أو موقف صادق؛ فهو صارم حاد مع ذاك الموقف؛ لأن هذا الموقف من صنع أسياده، وبنفس الصرامة والحدة ينقلب على هذا الموقف إلى النقيض تماما؛ لأن سيده أو أسياده انقلبوا على هذا الموقف!

وفي الخلاف معه يظهر وجهه الآخر، حيث الفجُور بالخصومة، وضرب المسلمات وتعدي الثوابت، ولا تتحدث معه عن عِشرة أو حق أو منطق؛ فهو يتحدث وفق هوى المتبوع ولا يملك من أمره شيئا؛ لأنه لا يتعدى صفة الأداة!

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ) رواه البخاري (33) ومسلم (59).