النسوية .. بين الليبرالية والرايديكالي!

يوسف عوض العازمي

alzmi1969@

"هل تعني النسوية شخصا كبيرا غير لطيف يصرخ بوجهك أوشخص يؤمن بأن النساء هن بشر. بالنسبة لي الأمر يعني الصنف الثاني ولهذا أوقع". مارجريت آتوود

هل يوجد ما يسمى "نسوية" أو "رجالية" في الفكر والأدب؟ ومن وضع هذا المصطلح؟ وهل كان يريد من وراءه مكاسب له وليس للنساء؟

هناك من يعتقد بأنه يتوافق والاعتدال، إذن كيف اعتدال مع مبدأ قليل من يؤمن به أوبالأحرى من يتوافق معه؟

نعم موجود الأدب النسوي، إنما هل هناك من يميل إليه كمصطلح ولا أكثر من ذلك؟

هناك من يعتقد أن في تطبيقه غلووافكار تافهة !

أخيرا وليس آخرا؛ هل النسوية مصطلح ملح يساهم في تحديد ملامح الحياة؟ أم أنه مصطلح وضع لتحقيق مكاسب شخصية؟

إن من المُسلَّم به أن مفهوم النسوية أُشبع بحثا ولا يزال الكثير من الباحثين ينقبون في هذا المفهوم، وكل وقت يأتي لنا جديد من الأطروحات الفكرية، وكل باحث أو دارس يتعامل مع المفهوم بفلسفة خاصة، وبشكل معين، حتى أن هناك من يبحث فيه لإيجاد التضاد، والسلبيات، والعكس صحيح، وكل باحث ولاشك تسيره النية المبيتة لهذا البحث.

هناك ذوي الرايديكالية وهم لهم ثوابت ومسلمات يبدأ بها البحث وينتهي به؛ حيث يركب الباحث الراديكالي مركب الفقه ويدخل في الفتاوى، ويتشعب وغالبا توقفه القناعة التي بدأ بها، وتبقيه ثوابته ومسلماته واقفا جامدا أمام حواجزها.

وهناك ذوي الليبرالية وهؤلاء لا نهاية للفضاء الذي يداورون به البحث ومفرداته، ولا توقفهم حواجز ولا مسلمات، بل التفكير النقدي العميق المنفتح على كل إحتمال، وبالطبع هنا نحن أمام إصطدام مع الراديكاليين، الذين يتوقفون أمام مسلماتهم التي لانقاش حولها "حسب ما يرون" وهناك كما هو معروف علوم نقلية، وعلوم عقلية، وعلوم تجريبية وعلوم إنسانية، كذلك المغالطات وتبيانها والمنطقية وحدودها، وهناك نظريات متعلقة بالمرأة والنسوية بشكل عام.

لقد قرأت وتعلمت أن النسوية هي مجموعة مختلفة من النظريات الاجتماعية، والحركات السياسية، والفلسفات الأخلاقية، التي تحركها دوافع متعلقة بقضايا المرأة. ويتفق النسويون والنسويات على أن الهدف النهائي هو القضاء على أشكال القهر المتصل بالنوع الاجتماعي، ليسمح المجتمع للجميع نساءً ورجالً بالنمووالمشاركة في المجتمع بأمان وحرية .

 

بعض التيارات الفكرية الريديكالية تضع المرأة في قالب معين، لا تستطيع الخروج منه، وهو قالب جامد غير متفاعل مع التغيرات والتبدلات الإجتماعية وتواصل الأزمان، بنفس الشكل نجد أن الأديان في مخنلف توجهاتها تضع للمرأة قوالب متعددة؛ ففي الزمان القديم كانت بلقيس هي ملكة سبأ، وفيما بعد كانت كذلك الملكة شجرة الدر التي بايعها المماليك وحكمت مصر ثمانين يوما، وهي التي لعبت دوراً تاريخياً مهما أثناء الحملة الصليبية السابعة على مصر.

أي باحث يبحث ويقرأ ويدرس في النسوية، سيجد نظريات وقراءات متعددة، وأقوال وردود على الأقوال، وتأييد ومعارضة، واتفاق واختلاف، لأن هناك من حصر النسوية بالتخلف، من وضعها في قالب التقهقر والاضطهاد، وهناك أيضا من أفلت الحبل وجعل الأبواب لها مفتوحة على مصراعيها !

أعتقد في النسوية ونظرياتها، الاعتدال هو الأفضل، والاتزان والموضوعية في سبر الحدث هي الطريق الممهد لفهم واستيعاب هذه النظرية وتغيراتها..

هناك من يعتقد أن "الصحوة" (وهو تيار ظهر مع بداية الثمانينات من القرن الماضي) قد أضر المرأة من خلال تهميشها في المجتمع، واعتبارها "كائنا ناقصا"، وهناك قوانين فصلت وتمت صياغتها للحد من حرية المرأة، والآن يبدو أن الأمور تتعدل ببعض المجتمعات، لكن بتوجه سياسي وليس بتوجه مجتمعي، مما يعطي إشارة بنفوذ السياسة حتى في الممارسة الحياتية الاجتماعية!