نحو وداعٍ من تيه

 

المهدي الحمروني| ليبيا

 

للذين يمرّون كرامًا من هنا

لكلّ من همهم أمري

وصدَقوا ما ألِفوا القلب عليه

لعشيرتي الأقربين

ومن شهدوا لي بمعروف

ولم يظنوا بي الظنون

وعلموا ما مضى من سيرتي

بأني رجل منظوم عن قصيدة النثر

وأنها لم تكن تنبغي لي

قبل عزلتي إلى الرعي والتجارة

واعتكافي في حراءٍ غائرٍ من العيّ

حتى أصابني مسُّها هتافًا خاطفًا

من ضفافٍ بعيدة

كاشفًا لي أميّة النص في خيالي

وحمّلني قراءاته المحمومة

وختم في صوتي مفردة لغتها

وأنزل معنًى آخر قصيًّا من الشعر

وأطلقني لبلاغها المبين

وقال اذهب وطيفها وجاهدا

إني عنكم من الغافلين

أيها القوم اسمعوا وعوا وتضرعوا لي

لِما تلبّس قلمي من دهر صمتها،

وما انفصم بحالي من مآل توليها

واعلموا أن وحيها راسخٌ في

أزل مقالي

وفصل خطابي

إنها تربض في دغل تفردها

كراهبةٍ ملّت التسابيح

غافيةً عن تناسل تباريحي في مديحها

لاتلقى برهةَ ردٍّ على ندائي

ولاوقفةَ محيا على مرايًا تُذكِّرها بي

لكني أعلم أنها تقرأ جرجرة هذياني بها

أنا الدرويش المجاهر بإعلانها آلهة

المهديُّ بلا انتظارٍ منها

كشجىً حزين

في تغريدة طائرٍ خارج السرب

تنزف دمعها نايًا موحش اللحاء

أمضي بلا أدراج للعودة

نحو وداع أخيرٍ من تيه

سأتركها مدينةً لي

بصلاة غائبٍ

وأضرحةٍ من قِباب

وأهرامٍ من رثاء

تعليق عبر الفيس بوك