"لا" للشائعات من أجل عُمان

ناصر بن سلطان العموري

abusultan73@gmail.com

مواقع التواصل الاجتماعي -الإعلام البديل- أصبحت بالفعل تفوق وسائل الإعلام الرسمية في نقل وتداول ونشر الخبر، ولكن في المقابل نجد أن أغلب أخبارها لا تعتمد على مصدر موثوق، بل وصل الحال إلى أنْ يتناقل الناس الأخبار وتتم فبركة أغلبها لتنتفخ كالبالون؛ بهدف الإثارة والتشويق أو لغرض دنيء لمصلحة عامة كانت أم خاصة.. ما دعاني لكتابة هذا المقال هو ذاك الهدير المتواصل الذي نستقبله من شائعات تكاد تأتينا يوميا من كل حدب وصوب، بل والأدهى حين تصدق فئة من الناس شائعة مجهولة المصدر تثير البلبلة لدى الشارع العام، بل والأغرب حين يتم تناقلها دون العلم بصحتها ومشروعية ظهورها، وما الذي سوف تثيره بشكل سلبي على المجتمع.

وتعرف الشائعات بأنَّها "نبأ مجهول المصدر، سريع الانتشار، ذو طابع استفزازي في الغالب، وقيل هي مجموع سلوكيات خاطئة سريعة الانتشار، تُثِير البَلْبلة والفتنة في المجتمع وقيل هي معلومة ضَالَّة مُضَلِّلة تَصْدُر من فردٍ، ثم تنتقل إلى أفراد، ثم إلى المجتمع، فهي محمولة على الضلال، وهي مجموعة أخبار مُلَفَّقة تعمل على نشر الفوضى بين الناس". وقيل: "هي رواية مُصْطَنَعة يَتِمُّ تَناوُلُها بأيِّ وسيلة متعارف عليها، دونَ النظر لمصدرها".

والذي ساعد على انتشار الشائعات في وقتنا الحاضر تَنَوُّع الوسائل التقنية وتَعَدُّدها بقنواتها المختلفة؛ ومنها: مواقع التواصل الاجتماعي؛ بحيث تصل الشائعة إلى مَن وُجِّهت إليه في زمن قياسي، وهي ليست دائمًا خبرًا كاذبا أو قصة ملفقة، وإنما قد تكون واقعية تستحق الكتمان، وغير قابلة للنشر؛ لما في نشرها من الخطر والضرر على الفرد والمجتمع؛ لأنها تستهدف كثيرا من الحالات والجوانب؛ فهي تؤثر على الحالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، بل والأكثر من ذلك حين تضرب على الوتر الحساس لأي شعب ومنها حين تمس الشائعات رمز الوطن وقائده، أو حين تتعلق بأمن ومصيره الوطن، وهي ما تسمَّى بالحرب النفسية والضرب على الوتر المعنوي.

والكثير من الناس تجهل ما يُسمَّى بحرب الشائعات، وتجدها تنقل الأخبار والمقاطع دون تأكيد أو مصداقية وهذا أثره كبير، وخطره جسيم؛ فبعض الشائعات تستهدف علاقات الدول بعضها مع بعض، إضافة إلى الحرب الاقتصادية أو التجارية والسائدة حديثا بين كبريات الشركات أو الدول وهي ليست وليدة هذا اليوم، وإنما هي معروفة بقدم الإنسان، لكنها أخذت تتطور وتزداد، وهذا شيء مشاهد فيما نلاحظ الآن من الشائعات التي نسمع بها بين فترة وأخرى في شتى الوسائل، وتحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى منصات لإطلاق الشائعات التي تمسُّ السمعة وتثير البلبلة بين المواطنين، وتروج لأخبار كاذبة أكثرها لا أساس له من الصحة يستخدمها المغرضون للنيل من سمعة البلاد وجهود بعض الجهات الحكومية التى تسعى لخدمة الوطن وبكل إخلاص وتفانٍ، والأمثلة على ذلك في السلطنة كثيرة وعديدة، وانتشرت مؤخرا وبشكل كبير كالنار في الهشيم وبصورة كبيرة، بل والمضحك حين يتم تداول شائعات غير واقعية، بل وخيالية، ولا تدخل العقل ولا يقبلها المنطق.

تقدير الجهود التى تبذلها بعض الجهات الحكومية، لا سيما الرقابية منها، وعدم الاستهانة والتقليل من شأنها مطلب ضروري؛ فلا يجب أن نقلل من الجهود التي تعمل من أجل الوطن والمواطن بسبب شائعة مضللة، والدور هنا كبير على أصحاب العقول والألباب في تنوير كل من يُسهم في نشر خبر مفبرك وكاذب، والله ميَّز الإنسان عن سائر المخلوقات بالعقل؛ فلنُحسن استخدامه فيما يفيد، ولنُسهم في نشر كل ما هو صالح والبعد عما هو طالح.

وينبغي هنا ملاحقة مروجي الشائعات على شبكة الإنترنت، واتخاذ الإجراءات الرادعة ضدهم من قبل وزارة التقنية والاتصالات وشرطة عمان السلطانية، فضلا عن ضرورة تفعيل دور الإعلام وأئمة المساجد والمؤسسات التعليمية ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية والأندية الرياضية في التوعية بمخاطر ترويج الشائعات والحكم الشرعي على مروجي تلك الأكاذيب التي تمس أمن واستقرار المجتمع وسمعة الغير من جهات حكومية وأفراد.

فإليكم نهجنا في عامنا الجديد: البُعد عن القيل والقال وسفاسف الأمور، وعن تداول الشائعات بكافة أنواعها، فلا يزدنا ذلك إلا تراجعا... فنحن مُسَالِمون على من يبتغي السلام، شديدو البأس على من يثير الدسائس والفتن، ولنكن جميعا معاول بناء لأرض الغبيراء ذات التاريخ التليد المجيد.

-------------------------

خارج النص:

انتهت سنة 2019، وسنة 2020 قد أطلت وأوشكت على البدء، أسال الله أن تكون سنة خير وسعادة للجميع، وأن يشافي ويعافي حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- وأتمنَّى بوجه خاص أن تكُون سنة إنجازات ورقي لهذا الوطن المعطاء، وأن ينعم المواطن بخيرات عمان، وأن يكون هو الهدف الأسمي والمنشود؛ فبرُقي المواطن وتوفير سبل راحته ترتقي الأوطان وتنعم بالأمن والأمان.