بين "وادي محرم" و "وادي اللوامي" البوصلة تشير لأبي مسلم

 

أحمد بن هلال العبري| سلطنة عمان

 

(أنت الكبيرُ بقلبي يا معلّمَنا

تواضعا، وزكى شعرا وإكراما)

بيت شعر أرسلته على عجل بعد رسالة اعتذاري لدعوة الشيخ الجليل الشاعر هلال بن سالم بن حمود السيابي في منزله في وادي اللوامي، حيث سيلتقي جمعٌ علمت بعضهم وجهلت الآخرين.

وما كان اعتذاري عن عدم الحضور إلا لموعد حضور يشاء الله أن يتزامنا في نفس الساعة تحت ظل نخلة أبي مسلم البهلاني الرواحي .

ففي نفس الوقت الذي كان فيه يهدر شلال الشعر من السيابي والخليلي والعبري وغيرهم في وادي اللوامي كما نقله لنا الشيخ حمود بن سالم السيابي في مقاله ومقاطع الفيديو بالفيسبوك كنت افترش حصباء وادي محرم بجنب حجرة الحصن حيث منازل الشيخ أبي مسلم وأبناء الشيخ المحقق الخليلي ومن عاش بها من بني رواحة والعوامر بقرية محرم.

في جولتنا بمحرم قبل المغرب.. ومن بطن الوادي أشرت لمجموعة السياحة الداخلية للحجرة وأطلال منازلها، صعدنا للحجرة من جهة الوادي مرورا بمنازل تحكي الشموخ وتعبق بروائح الماضي في خلطة لا يستطيب روحها إلا من عرفها كما يعرف واديها.

توقفنا عند أطلال المسجد ومنازل مشايخ بني خليل المطلة على الوادي ومنازل الشيخ سعيد بن حمد الرواحي وسيدي أبي مسلم المطلة على المزارع.

كنت سارحا في قصيدتي التي كتبتها عن شيخي أبي مسلم قبل خمسة عشر عاما، وألقيتها في أمسية نظمتها دار الخليل لتطوير مهارات كتابة الشعر، ومطلعها:

سميري في الغدو وفي الرواح

من الأشعار ديوان الرواحي

أين اليونسكو عن ترميم بيت أبي مسلم؟ هكذا انفجر صوت أحد الزملاء؟ فرد عليه آخر: لعلهم لا يعرفون أن له بيته هنا.. وتساءل آخر: أين ورثته ومشايخ البلد عن بيت أبي مسلم وعن الحجرة كلها؟

كان التعقيب صعبا... وليس لمثلي أن يفتي ومالك حي في المدينة أو على بعد صدى أشعار أبي مسلم المترددة بين جبال سمائل وغيرها.

خرجنا من الحارة بصحبة الزميل جابر بن مرشد الرواحي الذي التقى بنا دون موعد سابق فطاف بنا فيها معرفا بأصحاب عشرات البيوت ثم بين بساتين محرم. واستمر مسلسل الحديث مع المضيفين الكرام الذين التقينا بهم دون سابق موعد وهم الشيخ الجليل عبدالله بن سعيد بن حمد الرواحي وابنه حمود و كذلك مع الوالد الجليل مرشد بن ناصر الرواحي والأستاذ العظيم سعيد بن سليمان العامري المعلم الذي أصر  طوال عقود عمله الثلاثة على أن يبقى معلما دون قبول أي منصب مدير وغيره فبقي كريما مكرما في مدرسته وبلدته.

وفي حيرة ما أزال أعيشها منذ البارحة:

هل أقول ليت أن تلك القصائد التي ألقيت في وادي اللوامي انتقلت او أن تنتقل في مناسبة أخرى قرب بيت أبي مسلم المرمم في حجرة الحصن؟

هل أقول ليتني وأنا أشرب قهوة الصباح أستلم رسالة من سبق بزيارة لوزير التراث وممثل اليونسكو لمحرم حيث يتم البدء بترميم حارة الحصن كلها إجلالا لأبي مسلم وأهلها والمشايخ؟

هل أصحو على بشارة بقيام رجل أعمال أو شخصية مجتمعة ليسعد أحباب أبي مسلم بترميم منزله وبناء قاعة ثقافية في محرم بجنب مدرسة أبي مسلم تحمل اسم شاعرنا الكبير؟

في رمستنا وفي السيارة تجاذبنا الحديث عن اطلال حاراتنا العمانية التي تحقق مصيرها للاندثار إن لم تكن هناك هبة مجتمعية تخفف عنها نحت الأمطار والرياح والأرضة وعبث العمالة الوافدة والأيادي العابثة بسرقة أبوابها ونوافذها وجذوعها.

تجدر الإشارة إلى أن حجرة الحصن كانت محطتنا الثالثة بعد زيارة حارتي العين واليمن في إزكي صباح نفس اليوم وسيكون عنهما حديث في مقال آخر فهناك بشائر جهود مجتمعية يلزم الحديث عنها.  وإشارة أخرى أختم بها حديث عن مجموعة السياحة المحلية التي طافت بنا بين حارات وأفلاج وشواطي ومكتبات وأودية وجبال عمان في خمس رحلات لطيوي والحمراء والجبل الأخضر و وادي السحتن وخور جراما ونترقب رحلتها إلي صحار وشناص وغيرها

مسجلا هنا الشكر لكل المشايخ و الاخوة في ولايتي إزكي وسمائل مشيرا مرة أخرى لخصوصية المقال عن وادي محرم لمن ذكرت من أهل محرم وأخص بالشكر الأخ  الشاعر إبراهيم بن ناصر الراحي الذي استرقنا رؤيته من (نوافذ) الحضور بقايا عطره في وادي محرم الذي جمعنا به تنسيقا للزيارة وحجز المجلس للمبيت فحضر دورا وروحا وإن غاب جسدا.

تعليق عبر الفيس بوك