ناصر بن سلطان العموري
abusultan73@gmail.com
تُمثل السياحة الداخلية شريانَ السياحة لكل بلد؛ فالعديد من الدول المتقدمة تهتمُّ وتعتني بالسياحة الداخلية، بل وتجعلها على سُلم أولوياتها؛ من حيث الخدمات المتوفرة والعروض الترويجية وصيانة بل وتحسين المرافق قبيل بدء أي اجازة أو موسم سياحي؛ فيقصد السائح المواطن والمقيم الأماكن والمزارات السياحية في بلده وهو في غاية الراحة والاطمئنان بأن كل شيء متاح ومتوفر.
هذا بدوره ينعكس على إثراء السياحة ونشاطها الداخلي وتعريف المواطنين من جهة والنشء الصغار بما تحويه بلدهم من مقومات سياحية؛ سواء كانت تاريخية ضاربة في القدم أو طبيعية أخاذة، أو ثقافية تغذِّي العقل والفهم، ويصبح ذلك السلوك جزءًا من تكوينهم، وتصبح السياحة الداخلية سلوكا دائما لهم بدلا من السياحة الخارجية، ولا يخفى على الجميع هنا ما ستُسهم به من إيرادات لخزينة الدولة عِوَضًا صرفها في الخارج من خلال تجشم عناء شد الرحال لدول الجوار، فإذا نجحت السياحة الداخلية في جذب أعداد كبيرة من العائلات، فإنها ستوفر الكثيرَ من الأموال التي تُنفق في هذا المجال بالخارج، أضف إلى ذلك أهميتها في تحريك الاقتصاد الوطني، وتعويض أي نقص طارئ على عدد الوافدين من السياح الأجانب القادمين من الخارج.
لكن قبل هذا وذاك، والسؤال المطروح هنا الذي يتكرَّر ويُعاد بعد كل إجازة طويلة: ما الذي يستدعي الكثير من المواطنين الذهاب للسياحة لخارج الحدود بعد تسعة وأربعين عاما من عمر النهضة؟ هل بالفعل لدينا نقص في الخدمات بالنسبة للمواقع السياحية التي يرتادها جمعٌ كبير من المواطنين والمقيمين؟ ولماذا تأخرت المدن الترفيهية والمجمعات التسويقية في الظهور كل هذه الفترة؟ صحيح أنَّ البعض منها ظهر أو بدأ يظهر على استحياء خلال الفترة الماضية، ولكن بالكاد تكفي لتلك الأعداد والأفواج الكبيرة من المواطنين والمقيمين، فما هي الأسباب والمسببات هنا؟ وهل للجانب الحكومي علاقة في تأخر مثل هذه المشاريع؟! وأذكر مثلا هنا المتحف الوطني الذي ظهر منذ فترة قليلة لا تتعدَّى الثلاث سنوات رغم تاريخ عُمان التليد الضارب في القدم؟ وأين هي حدائق الحيوانات، والمدن الترفيهية التسويقية الكبرى والحدائق المائية، أم يجب هنا توجيه اللوم وأسباب التقصير لرجال الأعمال من أبناء البلد في عدم سعيهم وإيمانهم بإنشاء المرافق السياحية والمدن الترفيهية في بلدهم، مقارنة باستثماراتهم الكبرى خارجها؟
مع خالص التقدير لوزارة السياحة، وما تقوم به من جهود، ولكن الواضح للعيان أنَّ السائح الأجنبي هو على رأس أولوياتها، نعم هذا جيد للترويح لصورة عمان خارجيا، ولكن من الضروري أن يتماشى هذا جنبا بجنب مع الاهتمام بالسياحة الداخلية؛ فالمواطنون والقاطنون في هذا البلد لهم قدم السبق في التمتُّع بخيراته الطبيعية والسياحية، ولا يتأتى هذا إلا من خلال الاهتمام بتوفير الخدمات والمرافق التى تُساعدهم على تجوالهم في بلدهم برفق وسهولة هم وأفراد أسرهم.
رسالة لوزارة السياحة: من أجل راحة مواطنيكم، افتحوا أبواب الاستثمار السياحي بما يراعي قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا، وادعموا رواد الأعمال في إقامة مشاريعهم السياحية، وقفوا بجانبهم وسهلوا لهم كل صعب، وأعطوا رجال الأعمال من العُمانيين الأولوية في الاستثمارات السياحية، فإن بخلوا وترددوا فهناك العديد ممن ينتظر هذه الفرصة الذهبية للاستثمار على أرض الجمال عُمان، وما أحلى أن يُسهم التاجر العماني في بلده وهو يستشعر أنه ردَّ جزءًا ولو كان ضئيلًا من الجميل لوطنه.