عمرو عبد العظيم
إنّ المتعلم الذي يتمتع بذكاء عاطفي لديه فهم عميق لمشاعره ويحسن استخدام هذا الفهم في تحقيق رغباته، وفي السلوك الجيد عندما يغضب، أو عندما يقع تحت الضغط، فيكون متفائل، متحمس، لديه المثابرة لتحقيق أهدافه، هذا إلى جانب الأخذ في الاعتبار مشاعر الآخرين، حيث يحظى بشعبية اجتماعية، ولديه علاقات قوية مع من حوله ومع بيئته الاجتماعية والتعليمية، وهنا نجد العلاقة القوية بين الذكاء العاطفي وتكنولوجيا التعليم، حيث يجب علينا معرفة مفهوم وطبيعة هذه الذكاء وأهميتها في التعلم والتعليم بصفة عامة وفي مجالات تكنولوجيا التعليم بصفة خاصة ومدى التفاعل بينهم، وأهمية هذا النوع من الذكاء بين الطلاب والذي يساهم في تطوير عملية دمج التكنولوجيا في التعليم وتحقيق الأهداف المنشودة للعملية التعليمية.
فنرى أنه يتم تعريف نظرية الذكاءات المتعددة كنموذج إدراكي يوضح كيف يمكن للإنسان استخدام ذكائه المتعدد لحل المشكلات بطرق مختلفة، ويركز على العمليات التي يؤديها العقل البشري في عملية التعامل مع محتوى الموقف حتى يصل إلى الحل المطلوب، لا يوجد أشخاص أذكياء وأغبياء كما يظن الكثير من الناس، ولكن هناك أشخاص أذكياء في مجال وتخصص واحد، والبعض الآخر ذكي في العديد من المجالات الأخرى، ومن الطبيعي جدًا العثور على أولئك الذين لديهم أنواع متعددة من الذكاء، ومع ذلك فمن النادر أن يكون هناك شخص طبيعي لا يملك نوعًا واحدًا على الأقل من الذكاء، وذلك على النحو المشار إليه في العديد من الدراسات والبحوث الخاصة بهذا المجال.
وما يهمنا هنا هو الذكاء العاطفي، وهو مصطلح يعبر عن قدرة الفرد على التعرّف على مشاعره، وفهمها بشكل صحيح، وفهم كيفية تأثيرها على الأشخاص من حوله. حيث يتحكم الأشخاص أصحاب مستوى الذكاء العاطفي العالي في سلوكهم ويكونون أكثر فاعلية في معرفة وإدارة مشاعرهم. وتكون العلاقات الشخصية أكثر فعالية ونجاحًا لديهم.
وعلى الجانب الآخر فإنّ المعرفة بتكنولوجيا التعليم كنظام متكامل يقوم بإعداد وتقييم العملية التعليمية لتحقيق أهداف موضوعية باستخدام أحدث البحوث التعليمية والموارد البشرية وغير البشرية لخلق جو من التعلم المنتج وجعله أكثر فعاليةً وتأثيرًا للوصول إلى الهدف التعليمي المنشود، ويقدر العالم جميعًا دور التكنولوجيا في النهوض بالتعليم ورفع جودته، خاصةً عندما يتحد الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا الرقمية بكل إمكاناتها الهائلة مع الجانب النظري المتمثل في نظريات التعلم مع جميع تراكمات العلوم الإنسانية عبر التاريخ، وربما الأكثر شهرة نظريات الذكاءات المتعددة وخاصة الذكاء العاطفي، وهي بالتأكيد معروفة لغالب العاملين في مجال التعليم، لكن الجديد هو أنها بدأت تكتسب إشعاعًا كبيرًا بفضل تطور التقنيات التعليمية، وبفضل الجهود المستمرة من المطورين في تخصيص التعليم حتى يلبي الاحتياجات الفردية للطلاب ويقدر مواهبهم.
وتتميز تكنولوجيا التعليم بالمرونة الكافية لدعم واستيعاب جميع أساليب التدريس، وهو أمر ضروري لأنه لا يوجد متعلم ذكي في اتجاه واحد فقط. والأهم من ذلك، أن القليل من المعلمين لديهم الوقت والمكان والموارد ليلبوا خدمات جميع المتعلمين في نفس الوقت. في هذا الصدد، يمكن أن تكون التكنولوجيا التعليمية امتداداً قيماً لتلك الموارد.
فالتكنولوجيا وسيلة فعالة لإضفاء الطابع الشخصي على التعليم ومراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين، سواء من حيث الذكاء الذي يختلف من متعلم إلى آخر، وفيما يتعلق بسرعة التعلم والتي تختلف من شخص لآخر هذا يجعل من الضروري لكل معلم يرغب في تحسين أدائه المهني ويسمح لكل طالب بالتعلم عليه مواكبة التقدم التكنولوجي والرقمي، الذي يزداد سرعة يومًا بعد يوم.
وختامًا يجب أن يفهم المعلم نوع الذكاء العاطفي لدى الطلاب من خلال تحليل شخصيتهم كواحدة من أهم الخطوات الأولى للتصميم التعليمي الجيد، وفي حالة الطلاب ذوي الذكاء العاطفي المنخفض، يجب علينا جميعًا السعي لتطوير مستويات ذكائهم وبالتالي تحسين تعلمهم وتحقيق أفضل النتائج. على المستوى الشخصي والاجتماعي والتعليمي لهم.