الوعل في التفاتته الأخيرة

 

عادل الكلباني| سلطنة عمان

 

1)

أريد أن أهرب

لكن ثمة ملابس للحزن تركتها على حبل الغسيل بانتظار أن تجف كي أرتديها لأبدو أنيقاً للهرب..

 

2)

أريد أن أهرب

حتى لا يبق لأولئك الذين دخلت معهم في معارك خاسرة لا تستحق/ ثمة رحمة في قلوبهم أو انتظار شفقة من أحد../ لن أتوسل بالطبع صلحاً أو غفراناً لكن سيندمون ربما لأنهم أضاعوا فرصة ثمينة للكراهية لن تتكرر كان بالإمكان أن تُزهر في صحارينا شجرة عوسج..

سيندمون لأنهم لن يتمكنوا من شحذ خناجرهم جيداً للذبح/ أو تسديد طلقتهم كما ينبغي

وسأضحك كثيراً عليهم نكاية بهم كما فعلت من قبل ومن بعد/ وأنا أتركهم ورائي كما يفعل كل منكسر في ساحة حرب..

 

3)

أريد أن أهرب

من الذين أحبوني – وما أقلهم- نادرون جدا حتى بالكاد إذا عددتهم لا يساون أصابع يد..

 

4)

أريد أن أهرب

عن كل شوق يكتظ بصدري مدائن حزن..

وعن كل حب حملته كما يحمل الشوك ورده/ قبل أن يتركني كقرية خاوية على عروشها..

 

5)

المجنون الذي حصنته الأحزان والانكسارات سيان بين من أقام في قلبه أو رحل

 

6)

 أبرم الأشواق عن قلق

 أتفتق من سطوة الجرح كورد..

رغم

ذلك

لي

سورة

عشق

لا

تُخفى

تلاوتها

....

 

7)

أريد الهرب

لكن بقي أن أُكمل قصيدة غزل للمسقطية التي لم أرها منذ سنتين..

سأحاول أن أستميحها عذرا على الغياب /على العذاب وعلى شتائمي التي أدلقها مثل غجري لا يأبه بقراءة الأسفار والتراتيل رفيق المطر والريح والبحر والبراري.

سأحاول أن أذكرها بالقُبلات التي تشبه مشاتل ورد وبالغرام الذي اغترفناه شهياً لذيذاً كعسل النحل.. سأحاول أن أعتذر وأقبل رأسها حتى ترضى.... سأقول لها: إني على وشك الهروب من هذه الحفلة التنكرية التي نعيش ولن أعود.. أعتقد إنها ستبكي وتتشبث بي لئلا أفعل ذلك فأكسرها من جديد.. ولكن إذا لم تأبه وتهتم بكل هذه الأعتذارات والتوسل والابتهال لتُباركني برضاها.. فسوف أتلبس بالغجري المجنون رفيق المطر والريح والبحر والبراري.. لأسكب عليها سيلًا من الشتائم واللعنات .. ثم أتركها وأكمل هربي حيث أشاء..

 

8)

أريد أن أهرب

لكن بقي علي أن أُكمل صلاة لم أنته منها بعد/ قال لي الإمام أيها الزنديق المرتد عليك أن تُعيد كل صلواتك منذ ولدتك أمك قبل أن  يُفتح لك باب التوبة أو أقتلك لأزداد رصيد بك مع الله ..

 

9)

سوف أهرب من هذه المسرحية التي طالت فصولها لكن قبل أن أفعل ذلك علي أن أحرق المسرح بمافيه ليخلو لي وجه الحقيقة.

 

10)

سوف أهرب مافي ذلك شك

لكن بقي علي أن أغلق النوافذ التي باتجاه الريح وأنا حاسر القلب يجرحه كل خنجر عابر

 

11)

سأهرب طال العمر أم قصر

لكن لا أستطيع أن أفعل ذلك الآن قبل أن أحضر عيد ميلادي التي وعدتني به أمي /عيد ميلاد جميل تزغرد فيه وتُعيدني طفلا يحب الرقص والحلوى  وتأخذني في حضنها المخضب بالورد والأغنيات..

 

12)

سوف أهرب

من هذه الحفلة التنكرية التي تُدعى الحياة..

فهذا الواقع لم يعد يناسبني ولا الحلم أصبح يتسع في وطن  يضيق بمحبيه كل يوم كخرم إبرة..

ولا هذه الذكريات المشوهة بالحزن والجراحات وأنا الذي كنت أتمناها شاهقة كرقصة عشق...

.

.

.

سأهرب........

تعليق عبر الفيس بوك