ترجمة- رنا عبدالحكيم

في أول مناظرة متلفزة بين جيرمي كوربين وبوريس جونسون، قال الأول إن بريطانيا بحاجة إلى سياسة أكثر لطفًا ووضوحاً، فيما وعد الثاني بأن تكون بريطانيا "أمة واحدة" شاملة محافظة.

صحيفة الجارديان البريطانية علقت هذه المناظرة، وقالت إن أيًا منهما لم يتناول قضايا حقيقية على المحك أثناء الحملة الانتخابية، مثل علاقة هذا البلد في المستقبل مع أوروبا، وكيفية إعادة بناء نسيج المجتمع بعد ما يقرب من عقد من التقشف، وأيضا كيفية الجمع بين المواطنين عبر دول المملكة المتحدة الأربعة؛ فالرأي منقسم والسياسيون بحاجة إلى سد الفجوات لا توسيعها.

وأضافت الصحيفة أن المناقشات التلفزيونية أصبحت الآن جزءًا من المسرح السياسي لانتخابات بريطانيا، ففي ليلة الثلاثاء الماضي، بحث كوربين وجونسون عن طرق لإظهار الطرف الآخر ضعيفًا وغير كفء. وأثارت ردود جونسون السريعة الانفعال ضحكات الجمهور. ولم يقم كوربين بأي فعل يذكر لردع منتقديه، لكنه قال رسالة بسيطة: إذا كنت تريد التخلص من حزب المحافظين، فعليك التصويت لحزب العمال.

وترى الصحيفة أن استراتيجية جونسون للاستثمار تتمثل في سياسة واحدة وهي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لكنها لم تلفح في تعزيز صورة حزب المحافظين الحاكم أو التقليل من صورة المعارضة. لقد صور الصراع الانتخابي لصالح حزب المحافظين في مواجهة المعارضة من خلال تضخيم اختلافهم حول القضية الرئيسية وهي كيف ومتى تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي. وكانت رؤية جونسون تتمثل في التنافس على إعطاء الناخبين إجابة على السؤال: "لماذا يجب أن تدعمنا نحن وليس الطرف الآخر؟". وفي المقابل تمثل دفاع كوربين في مواصلة الهجوم مع ادعاء ضار بأن جونسون سوف يتنازل عن نظام الخدمات الصحية، على خلفية صفقة التجارة الحرة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مع دونالد ترامب.

وترى "جارديان" أنه من المهم تحديد المخاطر التي يواجهها جونسون، ويبدو أن المحافظين سيخسرون مقاعدهم في اسكتلندا؛ حيث يواجهون حزبًا ليبراليًا ديمقراطيًا جديدًا في جنوب إنجلترا والذي ما زال له حق التصويت.

وأظهر استطلاع للرأي أن المشاهدين ظنوا أنه لم يفز أي من الطرفين بالمناظرة. وإذا أصبح هذا هو الرأي المستقر والنهائي، فسيكون ذلك بمثابة انتصار كبير لكوربين.

وتقول الصحيفة إن المجتمع البريطاني بحاجة إلى العودة للتحدث مع أولئك الذين نختلف معهم سياسيًا، ويجب أن يكون هناك حل للمشاكل من قبل أشخاص يملكون آراءً مختلفة عن آراء السياسيين الحالين. وأمام الحملة الانتخابية أسابيع، ومن الجيد أن جونسون وكوربين ستكون لديهما فرصة أخرى لتبادل وجهات النظر باحترام، وليس في مباراة من الصراخ. ويتعين أن يكون هناك بديل للمحادثات السياسية العقيمة التي سيطرت على الحياة السياسية منذ عام 2016 في المملكة المتحدة. وأكدت الصحيفة في ختام تقريرها أن الحوار المدني وحده هو الذي يمكن أن يحافظ على ديمقراطية سليمة، وأنه حان الوقت لاستعادته إلى صميم سياسات بريطانيا.