د. صالح الفهدي| سلطنة عمان
يا طاهِرَ الرُّوحِ، بَوْحِي فِيْكَ قد صَدَقَا
ما قلتُ زَيْفاً، ولا إِفْكاً، ولا مَلَقَا
//
آمنتُ بالحبِّ في الأوطانِ إنَّ لها
عهداً معَ الرُّوحِ، في أقداسِها خَفَقَا
//
لقد توضَّأْتُ بالإكبارِ مِنْ صِغَري
كَيْمَا يفوحُ فؤادي بالهوى عَبِقَا
//
"وسِرْتُ قَصْدَكِ لا كالمُشْتَهي بَلَداً
لكنْ كَمَنْ يَتَشَهَّى وَجْهَ مَنْ عَشِقَا"1
//
أنا العشيقُ الذي باتتْ جوانِحُهُ
تنوءُ بالعِشْقِ لا خوفاً ولا فَرَقَا
//
لكنْ كأنَّ تباريحي تهيمُ سُدًى
بلا عشيقٍ، وتَهيامي بهِ نَزِقَا
//
كَـ"قَيْسَ" يَنْشُدُ في البيداءِ قِصَّتَهُ
لكنَّ ليلى تُسَاقِي غَيْرَهُ غَدَقا!
//
يا وَيْحَهُ الْقَلْبُ إِنْ أَضْحَى يُسَاوِرُهُ
ظَنُّ الضَّلالةِ يُخْفي دُونَهُ الطُّرُقَا
//
"يا أَعْدَلَ النَّاسِ إِلاَّ في معاملتي"2
أَلَا تَرِقُّ، وتُشْفِي الْهَمَّ والْأَرَقَا؟!
//
أَلا تَفُوقُ على الإِصْباحِ مُنْتَبِهاً
حتَّى تُمَعِّنَ وجهاً فيكَ مُلْتَصِقَا
//
ترى سواعِدَ تُعْلِي فيكَ صاريةً
وغُصْنُها الأخضرُ الأملودُ قد وَرِقَا
//
تَرَى مُحِبِّكَ لا يرجو سِواكَ مدًى
وغيرُهُ بَاعَـــكَ الأَهواءَ مُرْتَزِقَا!
//
تَرَى الصَّفِيَّ الَّذي أَوْلَاكَ صَبْوَتَهُ
يعيشُ مُصْطَبِحاً حُبًّا ومُغْتَبِقَا
//
فَتَسْتَبينَ، وشمسُ اللهِ كاشفةٌ
عنِ الْخَسِيسِ، وذاكَ الْمُهْرَقِ العَرِقَا
//
أَلَا تَحِنُّ، أَلَا تُشْجِيكَ سَاجِعَةٌ
فَيَمْلأَ الدَّمْعُ مِنْ تَذْكارِكَ الحَدَقَا
//
وتَذْكُرَ الصَّبَّ؛ ذاكَ الْمُرْتَجِي نَظَراً
يَجِيشُ بالْحُبِّ مِنْ عينيكَ مُنْبَثِقَا
//
هذا نِدَاءُ فُؤادي، سَطَّرَتْهُ يَدِي
فَكُنْ بِهِ يا سَخِيَّ الرُّوحِ مُرْتَفِقَا
...........
هوامش:
1- البيت للجواهري
2- الشطر للمتنبي