أحلام يقظة

 

عائض الأحمد

 

 

من منِّا لم يضع يومًا هدفًا، وإن لم يكن فأمنية، وإن لم تكن فشيئًا من أحلام يقظة، ويظل يراوده هذا الهدف الحلم عامًا بعد عام.

يقول لي أحد الأثرياء كان لدي ما يشبه الحلم ولكنه عند البعض نزولًا لا يشبه شيء من قبل. بأن أعيش في حي شعبي، وتراقب عيناي ذاك الحب الخالد -ابنة الجيران- كما جرت العادة، على أنغام وموسيقى الزمن الجميل إن كان جميلًا حقًّا! أو كما يقولون. ثم أصحو في قصري ومعي محبوبتي؛ أكمل حياتي في نعيم الدنيا كما أحب، وليس كما أحلم، أو كما قال حليم (ما أقسى هذه الحياة حتى على الفقر لا أخلو من الحسد).

صفاء السريرة وصف لمن جعل لسيرته هدفًا، ولطريقه علامات يهتدي بها إن انحرف، أو ظل وأخذه هواه ذات اليمين أو ذات الشمال.

tقد ترسو بك السفينة يومًا في شاطئ بؤس، وميناء هاوية؛  فتحدث نفسك.. ما هذا؟! ليتني عدلت في تلك الساعة المشؤومة وهممت بربط ذاك الفزع بشؤم ذاك الوجه العابس القاطب.

إن سيرتك ليست عملًا خالصًا لك، وجهدًا فاق توقعات من حولك، هي بين هذه وتلك، وتوفيق جعلك هنا في لحظات تجلٍّ ساقتك إلى هذا الباب، فإما طرقته ودخلت أو شمرت عن ساعديك عنوة لترى مقدار قوتك وجلدك، فكان هذا حالك ولحظة تقف قدماك الآن. فهنيئًا لك الوصول.. ولا تثريب لمنتظر عجول.

والحظ كسراب يتتبعه اليأس القانط وهو يعلم بأنه لن يدركه ولن يأتي له بخير، فمن يزرع ليس بالضرورة أن يحصد، فربما ترك حصاده لمن يأتي بعده، وربما خذله الوقت وتقاذفته الأقدار، فجناه من لا يستحق ذكرًا ولا ثناء.

دعك من ذاك الهماز اللماز؛ فهو لا يملك من حواسه إلا ما يذكر به الناس، ولن ينصفك قول كاذب أو يهوي بك غضب جاحد،

عليك بنفسك إن رضيت عنها.. وعش يومك كالملوك في ممالكهم، واعلم بأنك ستغادر يومًا فإما أن تكون مثقلًا عاجزًا، أو فرحًا منتشيًا لا تهاب ظلمة، ولا تشكو ضعفًا؛ فمنزلك عامر، ومخدعك طاهر، وسيرتك تفوح عطرًا، وبستانك روضة تسُر الناظرين.

وهناك فيلسوف يدعي الحكمة ويروج لها.. فمن الناس من اتبع هداه ومنهم من تنحى وأخذ بجانبه علمًا ويقينًا. والداعي ليس كمن يجيب الدعوة.. فإن حضر كان حضوره جزءًا من جماعة، وإن غاب فلا شيء عليه ولن يشعر به أحد، فلا تستكثر من الغيب وراقب متاعبك الآن؛ فليس كل ما يُعرف يُقال، وليس كل ما سُكت عنه باطل، فربما كلمة حق أضاعت أمة وأغرقت قارب نجاة.

ولا تشعر بخيبة الأمل، فلعل صالحه كذلك وباطنه العذاب، فهناك من يرى لونين فقط وهو يجهل بأن بينهما مسيرة وسيرة.

*************************************

ومضة:

سُئلت يومًا كيف تكرم نفسك؟ فقلت بالصمت! وعدم الخوض فيما لا تجيد.