د. صالح الفهدي| سلطنة عمان
ألا خيرُ أثمارِ الزَّمانِ عقولُ
تمايَزَ منها فاهِمٌ وجَهُولُ
//
هِيَ اللَّبِناتُ الْغُرُّ في كُلِّ موضعٍ
إذا ما سَقَاها وابلٌ وهطولُ
//
أيُنْكِرُ ذُو لُبٍّ أَرِيْبَ فِعَالها
إذا وُسِّدَ الحِمْلَ الثَّقَيلَ حَمولُ؟
//
ومَنْ يَبتَنِي الأوطانَ إِلاَّ كِرَامُها
وينكُفُ عنها صَاغِرٌ وذليلُ!
//
فَمَا بالُها تُقْصِي الحكيمَ وقَدْ بَدَا
مِرَاسٌ لهُ عندَ الْقِيادِ أَصيلُ؟
//
تَراهُ خصيماً! كيفَ وهوَ عَضِيْدُها
إِذا ما اعْتَرَتْها شِدَّةٌ ومُحُولُ
//
وتُدْنِي إليها مِنْ بَليدٍ ووَاهِنٍ
فَتَحْسَبُهُ عندَ الخُطُوبِ صَقِيلُ
//
وما هو إلاَّ خائرُ البأسِ صاغرٌ
يَحُومُ على مُتْعَاتِهِ ويَجُولُ!
//
تَكَالَبَ في نيلِ الوَجَاهةِ أَخْرَقٌ
يُطالِعُ مَجْداً ما إليهِ سبيلُ
//
شَرَى بزهيدِ المالَ ذِمَّةَ مُعْسِرٍ
لِيرفَعَ كعباً لِلسَّما فَيَطُولُ!!
//
وما كُلُّ سَيفٍ قد تَلَامَعَ حَدُّهُ
هوَ الْفاتِكُ البَتَّارُ حينَ يَصُولُ!
//
"إذا كانَ بعضُ النَّاسِ سيفاً لدولةٍ
ففي النَّاسِ بُوقاتٌ لها وطبولُ"(1)
//
وبينَ ذَوِي الإِكْرَامِ والبَأسِْ والعُلَا
كُمَاةٌ إلى عهدِ الْأُباةِ تَؤُولُ
//
أُولِئكَ مَنْ صَانُوا الْحِياضَ عَنِ العِدَا
هُمُ العَهْدُ لا يَبْلَى وليسَ يَحُولُ
//
إذا أَعْرَضَتْ أَوْطَانُ عَنْهُمْ فَمَا لهَا
- إِذا مَا دَعَتْ يومَ النِّزالِ - بَديلُ
//
فما قَدْ تَبقَّتْ شِرْذَمَاتٌ تناثرتْ
وولَّتْ فمَا تحمي البلادَ فلولُ
//
نَبُوحُ بِمَلْءِ الحُبِّ ما في صُدُورِنا
لِيُصْدِقَنَا التَّاريخُ حَيْنَ نقولُ
.............
هامش:
(1) البيت لأبي الطيب المتنبي.