عصر الزَّعامة ولى ومضى وأرضنا تنفث دخانا

 

سميرة بنصر | تونس

 

صخب الانتخابات كشف عن وجه آخر لهذا الإنسان .. وجهه الراقد تحت عباءة الأناقة والرصانة والبريستيج ...أشاح عن كم هائل من المخزون اللفظي الذي ظل أصحابه يرجؤونه إلى حينه. وها قد أتى حينه و موسم الانتخابات يتهادى فسالت الألفاظ اللقيطة تنسل من كل صوب وحدب. وانقسمت تونس إلى معسكرين عدا الأقلية التي وقفت بكل سلبية وقفة الممسك بعصا الحكمة من فوق ربوة مطلة.. تتفرّج

و كرمانة بأوج فصلها تدحرجت وانقسمت وتبعثرت حباتها على الجهتين..تنقسم تونس على مصراعيها لممارسة حقها في تنصيب رئيس يحكمها طيلة سنوات خمس مجهولة المصير..

وخلال هذه الحملات الشعواء قد سمعت أوصافا ونعوتا وشتائما فاض منسوبها عن المحتمل... ففريق "زيد" لم يترك شاردة ولا واردة من عيوب "عمر" إلا وذكرها مضيفا لها بمكيال سخي ما تجود به قواميسه الموغلة في الرداءة؛ بل ويستنجد بأبشع ما سمع ووعى وما استنبط طيلة حياته وفي الجهة المقابلة يرد فريق "عمر" الكيل بمكيالين متحمسا في ذلك بعقيدة سقطت عليه فجأة وبالصدفة دون أن يقلق راحته بالتفكير لمَ أعتنق ذاك المذهب عن هذا...

سباب وشتائم مجانية وأخرى مدفوعة الأجر قد أدت إلى تراشق كلا الفريقين إلى حد لعن الأمهات والجدود وجدود الجدود ....وكل من حذا حذوهم تلطخ وهذا يحلينا على أن التونسي عاطفي إلى أبعد الحدود بمعنى أنه وبعيدا عن موضوعيته وعن عقلانيته يخلي سبيل عقله للاستراحة في مقابل تعلق قلبه بمن يراه رئيسا غدا وفي ذلك يستميت والحال أنّ مثل هذه المناصب يجب ألّا تأتي عن طريق القلب أوالعاطفة وإنما بالنظر إلى المصلحة العليا للوطن خارجيا وداخليا وليس لأننا أحببنا هذا عن ذاك.

وقد كان يكفي لكل فريق أن يعدد مناقب مرشحه ويترك ما دون ذلك لإعفائنا مما سمعنا ورأينا ... يقولون إن السايسة قذرة ولأننا انخرطنا في خضمها للضرورة فإن قذارتها قد أصابتنا وصار هواؤنا آسنا وماؤنا آسنا وتلك الشتائم والنعوت والألفاظ التي نسمع قد صارت معيننا وخبزنا اليومي وكأن الأمر عادي.. وإني أقول ليكن الرئيس من كان وما على الشعب إلا اليقظة بمثل هذا العزم الموسمي الذي شهدناه ليكون هو الرئيس الفعلي والسيد للبلد.. فيحاسبه على كل خطأ ويشكره على كل صواب..

فالرئيس هو شخص ننصبه فوقنا وبإرادتنا ليتحكم في مصيرنا ومصير أولادنا ومستقبل أجيالنا ورقابنا ويأخذ عن ذلك مقابلا خياليا بالإضافة إلى جملة من المنافع الأخرى ليغدقها على الأقربين وهذا خير عميم بالنسبة له. أفأزيده اعتناقا وحبّا حدَّ تأليهه ؟؟ !!!!!! وما رأيته خلال هذه الفترة من الحملات الانتخابية هي الاعتناق لحد التأليه وإلى غاية معاداة الفريق الآخر وإن كان أخا شقيقا .. والسؤال المطروح هنا .. ما الذي سوف نجنيه من هذا الكم السوداوي وهذا الحقد الذي يفرِّق ولا يؤلف.

ليكن الرئيس من كان ونحن من واجبنا المراقبة ومحاولة تغيير السوء والوقوف الدائب على غرار هذه الأيام وما شاهدناه خاصة وإنه بإمكاننا تطبيق الأمر الذي ينص على النفاذ إلى المعلومة .. ليصير الرئيس عندئذ موظفا عموميا له واجبات وحقوق إن أصاب فله الشكر وإن أخطأ يحاسب فعصر الزعامة ولى ومضى.

تعليق عبر الفيس بوك