مدرين المكتومية
أيام قليلة تفصلنا- وتفصلني أنا على المستوى الشخصي تحديدا- عن مناسبة وطنية بالغة الأهمية، وهي يوم المرأة العمانية، ذلك اليوم الذي يمثل واحدة من مكرمات حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه- لنساء وبنات عمان، يوم خالد في الذاكرة العمانية المعاصرة، ففي السابع عشر من أكتوبر من كل عام، تحتفي السلطنة بحواء العمانية، تقديرا لإسهاماتها البارزة في مختلف مجالات الحياة.
إنّه يوم عيد لكل أم ترعى أولادها وبيتها، وكل امرأة عاملة تكافح من أجل معيشة كريمة لها ولأسرتها، تجتهد ليل نهار، في المنزل والعمل، مع أسرتها وزملائها، ترعى مصالح الجميع، لأنّها القلب الكبير والعقل الناضج القادر على تحمل الضغوط ربما أكثر من الرجل في كثير من الأحيان.
إنني أشعر فخر عميق كوني امرأة عمانية، أعيش في أمن وسلام لا تحظى به نساء أخريات في مناطق مختلفة حول العالم، أشعر بالامتنان لجلالة السلطان المعظم- أطال الله عمره- لما يوليه من اهتمام سامٍ لبناته العمانيات، ولما يبديه جلالته من ثقة لا حدود لها في قدرات المرأة العمانية، فهي الآن الوزير والسفيرة ووكيلة الوزارة والمديرة في عملها، فضلا عن شغلها لمعظم المهن حتى الشاقة منها، فهي أيضا الجندية والضابطة في شرطة عمان السلطانية أو في قوات السلطان المسلحة.. هي المرأة العمانية القادرة على تحمل الصعاب والعمل بجد واجتهاد، والصبر على تحديات الحياة.
تختلجني مشاعر الزهو أيضا لأنني أعيش في كنف سلطان حنون بشعبه، وسلطنة تتسع للجميع، لذلك فإننا نحن العمانيات وفي ظل ما نتمتع به من كامل الحقوق والثقة المطلقة من ولي أمرنا، نقف شامخات باعتزاز لأننا في نعيش في عمان الخير والسلام.
ومما يزيد من مشاعر الفخر أنّ الاهتمام السامي بالمرأة العمانية انعكس في الكثير من الخطابات السامية؛ حيث قال جلالته في كلمته في الانعقاد السنوي لمجلس عمان 2009: "الوطن في مسيرته المباركة، يحتاج إلى كل من الرجل والمرأة، فهو بلا ريب كالطائر الذي يعتمد على جناحيه في التحليق إلى آفاق السماوات، فكيف تكون حاله إذا كان إحدى الجناحين مهيضا منكسرا؟ هل يقوى على هذا التحليق؟".
حقيقة الأمر أنّ المرأة شريكة ولا يمكن أن تحقق استقلاليتها ووصولها لأهدافها بدون الثقة التي يجب أن يعطيها الرجل لها، فالمرأة والرجل شركاء في مسيرة التنمية وفي بناء الدولة العصرية الحديثة، وهذا ما وجدناه فعلا.. نساء رائدات في ميادين مختلفة، دون أن يفكرن للحظة أنّ هذا المكان يناسبها كامرأة أو لا يناسبها. ففي ميادين العمل برزت الكثير من الكفاءات النسائية المتعددة، ودليل ذلك انتخابات مجلس الشورى الحالية؛ حيث نجد 40 مرشحة يتنافسن على مقاعد مجلس الشورى، يأملن تمثيل النساء العمانيات في هذا المجلس، وهذه الكفاءات نعول عليها الكثير لتمثيلنا فعلا خير تمثيل، وهنا أدعو جميع النساء في الولايات والمحافظات أن يتوافدن نحو لجان الاقتراع لاختيار النساء الكفء لأنهن الأجدر بنقل مشاكل وتحديات كل امرأة عمانية في ربوع وطننا العزيز.
أود أن أؤكد في نهاية مقالي لكل أم وكل أخت وكل ابنة أنكن تعشن في كنف سلطان عظيم، يدرك جيدا دور المرأة، لذا يجب أن تكنّ على أتم الاستعداد للقيام بما يناط بكن من مسؤوليات وبما تتطلبه الحياة منكن من تضحيات، وكلي ثقة أنكن جديرات بذلك.. ولحواء عمان أقول: كل عام وأنتِ النبع الذي يفيض حنانا وحبا في هذا الوطن المعطاء.