عزيزة الطائية تقرأ "الذات في مرآة الكتابة" برؤية معاصرة

مسقط - العمانية

تُؤكِّد الباحثة الدكتورة عزيزة الطائية في كتابها "الذات في مرآة الكتابة.. قراءات في نماذج عُمانية معاصرة"، أنَّ قيمة كتابات الذات تكمُن في الشهادات الإنسانية التي تقدمها، وليس في صدقها الواقعي إزاء الأحداث التي تسردها أو في أسلوبها الجمالي.

وتُضيف الطائية في الكتاب -الذي صدر ضمن كتب "نزوى" عن مؤسسة عُمان للصحافة والنشر والإعلان- أنَّ كتابات الذات تُضفِي قيمة ومعنى للحياة الخاصة بالإفصاح عن مواقف أثّرت في الذات أولاً، وتسجيل هذا الحضور بما يمثله من قيمة للقادمين من الأجيال ثانياً؛ وذلك وعياً منها بأهمية إثبات منعطفات مهمة في مسيرتها، وحتمية العودة إليها بعد تجربة عمرية معينة. وأوضحت الطائية أنَّ المترجم لذاته لا يهتم بالحدث التاريخي الذي يُحكى بقدر اهتمامه بالذكرى التي علقت في ذاكرته، فتغدو حكاياته الذاتية بوصفها شرطاً ملازما لوجوده الخاص، مادةً سردية خصبة لا ينضب معينها ولا ينقطع جريان سردها؛ فيختار نوع الكتابة التي سيعبّر عن ذاته من خلالها؛ سواء أكانت نثراً أم شعراً. وتشير الطائية -التي فازت مؤخراً بجائزة الشارقة لإبداعات المرأة الخليجية في حقل الشعر- إلى أن ترجمة الذات أخذت مساحة إبداعية جديدة لها حضور متنوع في الكتابات في عُمان خلال الألفية الجديدة، وهي سائرة يوماً بعد يوم إلى التشكل والتنوع من جهة، وإلى التطور والنضج من جهة أخرى، بفضل ما يتحقق لها من روافد كتابية حديثة.

وترى الطائية أنَّ ترجمة الذات جديرة بالدرس والاستقراء، لا لكونها تندرج ضمن المنظومة الإبداعية فحسب، بل كونها تعبِّر عن قضايا الإنسان العُماني في شفافيتها المرتبطة عضويًّا بالكشف عن الحياة الشخصية، وهو ما يؤهل مقام الذات الكاتبة لتكون الموقع الفاعل الذي يرصد خصوصيات منظور الإنسان العُماني في صياغة الرؤيتين الذاتية والموضوعية لـ"الأنا" والمحيط من حولها.

ويُشكِّل الكتاب رحلة شيقة بين رحاب مدوّنة ذاتية عُمانية معاصرة صدرت بعد الألفية الثانية، يتصدرها نصان بارزان فيما يصطلح عليه في النقد المرجعي الذاتي: "محكي الطفولة" الأول لعبدالله البلوشي "حياة أقصر من عمر وردة"، والثاني لعادل الكلباني "مقنيات: وطن وطفولة". وتكمُن أهمية الكتابين بحسب الباحثة من خلال نسبهما النشوئي؛ أي التراكم الأجناسي الذي حققاه بالقياس إلى محكيات الطفولة العُمانية المؤسِّسة لهذا الجنس الذاتي الذي مثّل بدايات نحت الكيان الذاتي باعتباره يأتي -إن لم يكن مستقلاً بذاته- فاتحة النص السير-ذاتي مكتمل المعالم.

تعليق عبر الفيس بوك