رياضتنا.. "دوران راس وصداع"

أحمد السلماني

مَللنا السَّقي والساقي، والضرب في الميت حرام، والحقيقة أنَّ الرياضة العُمانية تعيش حالة من الانفصام والتوهان، بمعادلة بسيطة وغير موزونه، فإنها تكافح من أجل البقاء أو الإبقاء على شعرة معاوية، نطالب بالتتويج والميداليات، ولم تتوافر لها الأدوات ولا الإمكانيات، الدعم المادي تقلص، والتكاليف والمصروفات تضاعفت، مفاهيم الإدارة الرياضية تطوَّرت وتبدلَّت، والعقول التي تدير رياضتنا محلك سر، الغريب أنَّهم يشتكون من قِلة الدعم، وفي المقابل يستميتون على المناصب وعضوية الاتحادات واللجان والأندية، بنية رياضية أساسية مقنعة، وزارة تدعم بكل ما تستطيع ولجنة أولمبية واتحادات ولجان وأندية وفرق أهلية، وناس تركل الكرة وتركض وتمشي في كل مكان بعُمان، ومع ذلك لم نصل لكأس العالم، ولم نحقق ميداليات أولمبية، والمؤلم أن يتصدَّر المشهد الإعلامي "أبطال الوهم والورق" وبعناوين رنانة من "أقلام المقاولات" تُريد هي الأخرى أن تعيش وتعتاش مثل غيرها.. ألم أقل لكم إنها معادلة غير موزونة... "وحدي دار راسي".

بقعة ضوء جميلة تبدَّت لنا من خلال مسابقات اتحاد كرة القدم، والتي بدأت بمباراة سوبر متطورة تنظيميًّا، ومن ثم انطلق دوري الأضواء والشهرة، ووصلنا إلى الجولة الرابعة، وفي كل جولة نشهد القوة والإثارة؛ سواء من الناحية الفنية أو الحضور الجماهيري المتنامي أو حتى الطرح الإعلامي الجريء والمعمَّق لتفاصيل مسابقاتنا الكروية، هذا فضلا عن التوسُّع الإعلامي الرائع نسبيًّا في تناولها وتغطيتها في كافة مساقاته: المسموع، والمرئي، والمقروء.

وحتى أفنِّد بعضًا من هذا المشهد الجميل، فإنه من الواضح جليًّا استفادة اتحاد الكرة من السلبيات التي صاحبت المواسم السابقة ليخرج لنا بنمط تنظيمي أفضل من السابق، وإن شابته بعض الإخفاقات، لكنها لا ترقى إلى مآسي المواسم السابقة، كما أننا لو شخصنا الحالة بعمق أكبر فإن الإدارة الشابة لمنظومة المسابقات هي السر وراء هذه النقلة، فمن الملاحظ اعتماد اتحاد الكرة على فئة من الشباب لإدارة رابطة الدوري (OPL)، والتي وبأفكار صغيرة وبسيطة كـ"تطبيق رابطة الدوري العماني" مثلًا، قدمت لنا وجبات كروية دسمة بالإثارة وشغف المتابعة، وأعادت الجماهير لمدرجاتها بالتنسيق مع فئات شابة أخرى تدير مجالس الجماهير بالأندية، وليس انتقاصًا في عمل السابقين الذين اجتهدوا، لكنهم لم يعُد في مقدورهم تقديم الجديد ومسايرة رياح التغيير؛ فقدوم الأفكار الشابة الوقادة والمتجددة والمتسلحة بالعلوم النظرية والأكاديمية والإدارية الحديثة وحده كان كفيلا لأن نشهد "التغيير" ولو نسبيا في مسابقاتنا.

خلاصة القول، ولكي أربط بين مقدمة المقال النقدية ومشهد رياضتنا المتراجع وبقعة ضوء مسابقاتنا الكروية الجميلة، هنا فقط يستقرُّ "رأسي بعد دورانه" إلى ضرورة أن يرحل الأوصياء والعتقاء في رياضتنا المشهد الرياضي برمته بعد جمودهم عند قضية " تقلص دعم الحكومة"، وهي معذورة في ذلك تحت وطأة الأزمة الاقتصادية الخانقة، وأن تسلم الدفة للشباب المتسلح بالعلوم الرياضية والإدارية وما أكثرهم، تواقون لمنحهم فرصة ابتكار الأفكار، مجرد فرصة في تتحكم بها جمعيات عمومية مهووسة بالتربيطات و"شلني وأشلك".