أوراق عمل ومناقشات موسعة تستعرض آليات تطوير القطاع وسبل التعاطي مع تحديات الاستدامة

ملتقى صلالة للمسؤولية الاجتماعية يوصي بإنشاء مركز متخصص لتنظيم مشروعات الاستثمار الاجتماعي وفق الأولويات التنموية

...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...

 

 

الخطاب آل سعيد: تنظيم مشروعات المسؤولية الاجتماعية يعزز جهود الاستدامة

البطحري: برامج المسؤولية الاجتماعية ركن أصيل في مسيرة التنمية المستدامة

الطائي: الحديث عن المسؤولية الاجتماعية يستدعي الوقوف عند إشكالية الأولويات

 

 

الرؤية- مدرين المكتومية

 

أوصى ملتقى صلالة للمسؤولية الاجتماعية في دورته الأولى (2019) بإنشاء "مركز المسؤولية الاجتماعية" تحت مظلة غرفة تجارة وصناعة عُمان، في مُختلف المحافظات، ويتولى مسؤولية التنظيم والتخطيط والإشراف على برامج ومشروعات المسؤولية الاجتماعية التي يجري تنفيذها على أرض الواقع، وفقاً للاحتياجات التنموية المحلية والأولويات في كل المحافظة.

ورعى صاحب السُّمو السيد الدكتور الخطاب بن غالب آل سعيد، صباح أمس الأحد، انطلاق أعمال الملتقى، تحت عنوان "الاستثمار المجتمعي.. المسؤولية المستدامة"، وذلك بتنظيم من غرفة تجارة وصناعة عُمان فرع مُحافظة ظفار، وبالتعاون مع جريدة الرؤية.

وعقب افتتاح أعمال الملتقى، صرح صاحب السُّمو السيد الدكتور الخطاب بن غالب آل سعيد قائلا إن ملتقى صلالة للمسؤولية الاجتماعية في دورته الأولى والمنعقد تحت عنوان "الاستثمار المجتمعي.. المسؤولية المستدامة" وبمشاركة نخبة من المختصين والمهتمين بأهمية المسؤولية الاجتماعية سواء من داخل السلطنة أو من الدول الشقيقة، يمثل برهانا ساطعا على وعي الجميع بأهمية تضافر جهود الأفراد والشركات والمؤسسات المجتمعية، من أجل تعزيز التنمية المحلية من خلال تبني وتفعيل مختلف البرامج في مجالات اقتصادية واجتماعية وإنسانية وتنموية، مشيراً إلى أنَّ ذلك من شأنه أن يسهم في تحقيق الأهداف المرجوة لبناء مجتمع مزدهر وفاعل وقادر على المُساهمة في التنمية الشاملة بالسلطنة. وأكد سموه أن أوراق العمل التي تم طرحها خلال الملتقى وكذلك الجلسات النقاشية، مثلت فرصة لتبادل الرؤى ووجهات النظر في واقع المسؤولية المجتمعية وسبل تطوير آليات العمل الاجتماعي من خلال تسليط الضوء على أبرز الممارسات والتجارب التي تنفذها الشركات والهيئات من أجل النهوض بالعمل الاجتماعي نحو آفاق أرحب.

اهتمام متنامٍ

وبدأ الملتقى، بكلمة ترحيبية ألقاها المهندس حسين بن حثيث البطحري رئيس مجلس إدارة فرع غرفة تجارة وصناعة عمان بمحافظة ظفار؛ حيث أكد أنَّ هذا المنتدى يعكس حجم الإدراك والاهتمام المتنامي من قبل غرفة تجارة وصناعة عمان فرع محافظة ظفار وجريدة "الرؤية" كشريك وداعم لأعمال الملتقى، ما يبرز أهمية خدمة وتنمية المجتمع في السلطنة عموما، ومحافظة ظفار على وجه الدقة والتحديد. وقال إن هذا الاهتمام يختزله العنوان الرئيسي لهذه الدورة، الطامحة لإكساب العمل المجتمعي للشركات والمؤسسات صفة الديمومة والاستمرارية؛ استثمارا لأهمية بالغة باتت لصيقة الصلة بالدور المجتمعي لشركات ومؤسسات القطاع الخاص، ببرامجها الفاعلة في المسؤولية الاجتماعية، والتي مهدت السبيل -إلى جانب جهود حكومتنا الرشيدة- أمام تهيئة الظروف من أجل واقع تنموي ومجتمعي أكثر عطاء وتنمية، بفضل الرعاية السامية والتوجيهات السديدة النيرة، من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- للجميع، بأخذ زمام المبادرة؛ من أجل بناء ورفعة هذا الوطن الغالي.

وبين البطحري أن المسؤولية الاجتماعية تتطلب ضرورة الالتزام بركائز أساسية ثلاث، وهي العوامل المشروطة عند تنفيذ مشروعات وبرامج المسؤولية الاجتماعية للشركات، أولها: ضمان تحقيق النمو الاقتصادي، وثانيها: حماية البيئة، ودعم المجتمع المحلي، وأخيرا وليس آخرا: احترام حقوق الإنسان المستهدف بالأساس.

إلى ذلك، قدم المكرم حاتم بن حمد الطائي رئيس تحرير جريدة الرؤية والمشرف العام على الملتقى، البيان الافتتاحي للملتقى والذي أبرز فيه الارتباط الوثيق بين المسؤولية الاجتماعية والاستدامة، مشيرا إلى أن المسؤولية الاجتماعية، هي عملية الاستثمار الاجتماعي للشركات، ولاسيما شركات القطاع الخاص، من خلال القيام بدورها المنوط بها لدعم مساعي التنمية يدا بيد وبالتوازي مع الجهود الحكومية.

تضافر الجهود

وشدَّد الطائي على أهمية تضافر جهود التنمية، وهو ما يعني مضاعفة إسهامات القطاع الخاص في عملية التنمية، عبر ضخ المزيد من الاستثمارات الاجتماعية والسعي لضمان استدامتها، حتى لا تبدو وكأنها أموال خيرية أو تبرعات تحقق الفائدة لفترة وجيزة، دون ترك أثر حقيقي في المجتمع، أو تعزيز الاستدامة. وبين أنه من أجل تحقيق استدامة التنمية يجب أن تستند المشروعات والاستثمارات على 3 مرتكزات؛ الأول ضمان العائد الاقتصادي المجدي من المشاريع كي تتواصل الدورة الاقتصادية دون تعرضها لانتكاسات أو ركود، أما المرتكز الثاني فيتمثل في عدم إضرار هذه المشاريع بالتوازن البيئي بل الإسهام في صون الطبيعة وحماية البيئة، في حين أن المرتكز الثالث، يتجلى في دعم المشروع للتنمية في المجتمعات المحلية.

وأوضح الطائي أن الحديث عن استدامة المسؤولية الاجتماعية يستلزم الوقوف عند إشكالية الأولويات، ولطالما كانت هذه الإشكالية حاضرة في مختلف المشاريع النهضوية في العديد من التجارب العالمية، فيظهر السؤال الملح حول أولويات المرحلة وطبيعتها، وما إذا كانت الأولويات تتباين باختلاف الزمان والمكان.

وقال الطائي إن المسؤولية الاجتماعية في السلطنة يجب أن تركز على المدى المتوسط على جوانب التنمية الاقتصادية، من خلال تمويل المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، ودعم الشباب الباحث عن عمل في تحقيق التوظيف الذاتي، بالتوازي مع استمرار تقديم برامج التأهيل والتطوير ورفع مستوى المهارات وصقل الخبرات، حتى يتمكن شبابنا من المنافسة في سوق العمل. وأضاف: "نؤمن بأن الدعم المالي يمثل أحد أوجه الاستثمار الاجتماعي في قنواته الحقيقية، وأود في هذا الجانب أن أتوجه بحديثي إلى المصارف ومؤسسات التمويل، لكي تقوم بمسؤوليتها الاجتماعية وتسهم في تمويل مختلف المشاريع بفائدة منخفضة، بل يمكن أن يتم التمويل بفائدة صفرية، وفق ضوابط وضمانات تضعها هذه المؤسسات، كجزء من استثماراتها المجتمعية. فعلى سبيل المثال، قيام المؤسسات المصرفية بتمويل مشاريع رواد الأعمال يدعم أدوار مؤسسات حكومية أخرى مثل بنك التنمية أو صندوق الرفد". وتابع قائلاً إن هذا الدعم المالي المأمول يمكن تطبيقه وفق توجهات استراتييجة ينبغي صياغتها بدقة، لضمان تحقيق أعلى قدر من المنافع والفوائد الاقتصادية.

وقال رئيس تحرير جريدة الرؤية إن تطبيقات المسؤولية الاجتماعية من شأنها أن تعزز القيمة المحلية المضافة للشركات، والتي أفضل تسميتها بالقيمة الوطنية المضافة، فالاستثمار الاجتماعي يحقق الكثير من العوائد على المؤسسة والمجتمع سواء بسواء، لذلك نجد أن مشاريع القيمة المحلية المضافة تتوازى في أهميتها مع مشاريع المسؤولية الاجتماعية، بل إن كلاهما يمكن أن يشكلا دعما كبيرا للتنمية الاقتصادية المستدامة في المجتمع، فإذا كانت القيمة المحلية المضافة تسعى إلى توطين الخدمات المقدمة للمشاريع الكبرى والاستثمارات الأجنبية، وتوفير فرص العمل للمواطنين، وإتاحة المجال أمام المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للاستفادة من هذه الاستثمارات، فإنَّ مشاريع المسؤولية الاجتماعية يجب أن تستهدف كذلك دعم النمو وخلق فرص عمل مستدامة. ومن ثم تتشكل لدينا قوة دافعة نحو تنمية اقتصادية مستدامة تقوم في أساسها على العمل الجاد والمشروعات الحيوية التي توفر الوظائف وتضمن استمرار دوران عجلة الاقتصاد.

مقترحات للتطوير

وعبَّر الطائي عن أمله في أن يخرج البيان الختامي للملتقى بدعوة الجهات المعنية لتقديم تسهيلات للشركات الأكثر أداء لأنشطة المسؤولية الاجتماعية، والآمال تتعاظم مع بدء عمل الهيئة العامة للتخصيص والشراكة، وأن تدعم الهيئة الجديدة هذا الجانب، من خلال إعداد مؤشر للمسؤولية الاجتماعية والشراكة يضم الشركات والمؤسسات الخاصة المنفذة لهذا النوع من المشاريع، ومن هنا نضمن أن تقدم التسهيلات للشركات المستحقة عن جدارة وثقة. واقترح الطائي تضمين المسؤولية الاجتماعية ضمن شروط تجديد التراخيص للشركات الكبرى التي تزيد أرباحها عن 5 ملايين ريال سنويًا، وتخصيص نسبة ثابتة من هذه الأرباح لمجالات المسؤولية الاجتماعية.

واختتم الطائي البيان الافتتاحي بالدعوة إلى تكاتف الجهود من أجل توظيف التقنيات الحديثة في تحقيق الاستدامة، وخاصة الذكاء الاصطناعي، ومخرجات الثورة الصناعية الرابعة بشكل عام، والاستفادة من تقنيات الحوسبة السحابية وبرامج تحليل البيانات لاستخلاص النتائج وتنفيذها على أرض الواقع، وكذلك طرح مبادرات خلاقة تدعم تطبيق التقنيات الحديثة في برامج التنمية المستدامة، والتي يطلق عليها المتخصصون مصطلح "الاستدامة الذكية".

تقدم واستقرار

وألقت الدكتورة عروب السيد يوسف الرفاعي دكتورة المسؤولية الاجتماعية للشركات بدولة الكويت الكلمة الرئيسة؛ حيث قالت إن الشركات في عالم اليوم ينظر إليها على أنها كيانات شريكة في تحقيق التقدم والاستقرار والرفاه الاقتصادي والاجتماعي لمجتمعها، وقيام الشركات بمسؤولياتها الاجتماعية ينعكس إيجابا عليها كما ينعكس على مجتمعها؛ إذ إن تطبيق المسؤولية الاجتماعية يقود إلى متانة في سمعة الشركة وزيادة قدرتها التنافسية وولاء أكبر من الزبائن والموظفين، بجانب المتانة في علاقة الشركة بشركائها وعلى رأسهم الحكومة التي تجد التعامل مع هذه الشركات سلساً لكونها أكثر شفافية ومتانة واستقرارا.

ودعت الرفاعي إلى ضرورة تجذير مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات من خلال ربطه بديننا وقيمنا وتاريخنا؛ إذ لا يمكن فهم تطبيقات المسؤولية الاجتماعية للشركات في الغرب دون فهم البيئة والفلسفة والتاريخ والواقع والحوارات المجتمعية في دولهم والتي سبقت ظهور المصطلح ورافقت تطوره. وشددت الدكتورة عروب على أهمية إجراء تغييرات إدارية من شأنها أن تعزز المؤسساتية في إدارة المسؤولية الاجتماعية داخل الشركات، وبالذات التوقف عن إيكال أنشطة المسؤولية الاجتماعية لتقوم بها إدارة العلاقات العامة. وبنيت أنه ضمن نقطة مأسسة المسؤولية الاجتماعية، فإن الدول النامية تفتقر للنماذج والسياسات والمعايير الواضحة المدونة والمعلنة، وترتب على ما سبق أن الكثير من الأنشطة التي تقوم بها الشركات أنشطة هامشية وضعيفة، ولا تعكس استغلالا حقيقيا للمال والوقت والجهد الذي يبذل فيها.

وقدم السيد حامد بن سلطان البوسعيدي المدير التنفيذي لمركز عُمان للحوكمة والاستدامة ورقة العمل الرئيسة للملتقى. وأعقب ذلك، تكريم صاحب السمو السيد الدكتور الخطاب بن غالب آل سعيد، للمتحدثين الرئيسيين والرعاة والداعمين لأعمال الملتقى.

وانطلق المحور الأول من الملتقى وحمل عنوان "الأبعاد التنموية للمسؤولية الاجتماعية"، حيث قدم خالد بن عبدالله المسن الرئيس التنفيذي بالمؤسسة التنموية للشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال ورقة عمل بعنوان "أولويات المسؤولية الاجتماعية للشركات"، تحدث فيها عن أبرز محطات رحلة المؤسسة في العمل التنموي، مؤكدا الحرص على استشراف آفاق المستقبل والبناء على النجاحات السابقة، مشيرا إلى أنه يتم تخصيص نسبة 1.5% من صافي الربح السنوي للشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال لتمويل برامج الاستثمار الاجتماعي في المؤسسة. وقال إنه تم دعم وتمويل أكثر من 6000 مبادرة وطنية ومشروع في مختلف القطاعات، عبر 3 صناديق للاستثمار الاجتماعي: صندوق دعم المجتمع المحلي والصندوق الوطني والصندوق الاحتياطي.

وقدم الدكتور حامد بن عبدالله البلوشي مستشار الرئيس التنفيذي لشركة فالي عمان ورقة عمل بعنوان "الأبعاد التنموية للمسؤولية الاجتماعية".

وأقيمت بعد ذلك الجلسة النقاشية الأولى، وشارك فيها السيد حامد بن سلطان البوسعيدي المدير التنفيذي لمركز عُمان للحوكمة والاستدامة، وخالد بن عبدالله المسن الرئيس التنفيذي للمؤسسة التنموية للشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال، والدكتور حامد بن عبدالله البلوشي مستشار الرئيس التنفيذي لشركة فالي عمان، والمعتصم بن سعيد السريري مدير المسؤولية الاجتماعية بشركة النفط العمانية، والدكتورة عروب السيد يوسف الرفاعي دكتورة المسؤولية الاجتماعية للشركات بدولة الكويت، والدكتور محمد محمد فودة أستاذ العلوم الاجتماعية بكلية الآداب والعلوم التطبيقية بجامعة ظفار، فيما أدار الجلسة الإعلامي عوض بن عمر صعر.

وشهد المحور الثاني من الملتقى الذي حمل عنوان "الأولويات الاجتماعية واستدامة الأداء"، عقد الجلسة النقاشية الثانية، وشارك فيها محمد بن عوفيت المعشني مدير عام شؤون الشركة بميناء صلالة، وخميس بن زاهر الفهدي مدير عام المديرية العامة للتنمية الاجتماعية بمحافظة ظفار، والدكتورة فاطمة عبدالله الدربي خبيرة المسؤولية الاجتماعية، والدكتور مسلم بن أحمد تبوك خبير الشؤون الزراعية بوزارة الزراعة والثروة السمكية، وأمل بنت محمد العمري نائب رئيس فريق الأيادي البيضاء، فيما أدار الجلسة الباحث هيثم بن محمد الجعدي.

تعليق عبر الفيس بوك