الشورى والوعي المجتمعي

 

 

حاتم بن علي اليافعي

 

تشهد السلطنة هذه الأيام انتخابات مجلس الشورى للفترة التاسعة حيث تواجه فيها البلاد العديد من التحديات الداخلية والخارجية، ولعلَّ أهم هذه التحديات على المستوى الداخلي هي استمرار الأزمة الاقتصادية الراهنة في ظل تدني أسعار النفط منذ ما يقارب أربع سنوات، والتي رافقتها حزمة من الإجراءات التقشفية فرضتها الحكومة على المُواطنين والمُقيمين، وقد أثرت هذه الإجراءات بشكل مباشر أو غير مباشر على مستوى معيشة المواطن، ومن أهمها على سبيل المثال لا الحصر؛ توقف الترقيات عن موظفي الخدمة ورفع الدعم عن الوقود وتزايد مهول في أعداد الباحثين عن عمل وإلخ من الإجراءات الذي لا يتسع المجال لذكرها.

‏خلقت تداعيات الأزمة الاقتصادية وآثارها حالة من القلق  العام خوفاً من أن تستمر إلى سنوات مُقبلة وخاصةً أن الأفق القريب لا يحمل بشرى تجاه ارتفاع أسعار النفط مجددًا وعدم تنويع مصادر دخل بديلة عن النفط. قابلت حالة القلق حالة من الوعي بأهمية الدور الذي من المفترض أن يقوم به مجلس الشورى رغم صلاحياته المحدودة، إلا أنَّ أداء المجلس في الدورة الحالية أثار استياء الناخبين بحيث إنه كان بعيد جدًا عن نبض الشارع العماني حتى مطالبهم فيما يخص معيشة المواطن كانت على استحياء ولم يستخدم الكثير من الأعضاء الأدوات البرلمانية المتاحة لهم. تولدت من رحم هذه الأزمة الاقتصادية التي دخل غبار أتربتها إلى كل بيت عماني حالة من الوعي الجمعي بأهمية دور المجلس ووجوب المشاركة السياسية، علاوةً على تنامي الحس الشعبي بأهمية العملية الديموقراطية التي لا تتطور إلا بالممارسة والشواهد على ذلك عديدة في مختلف دول العالم.

وهذا الحراك التفاعلي الأخير الذي شهدته وسائل التواصل الاجتماعي حيال انتخابات مجلس الشورى، يحمل في طياته دلالات عديدة، منها أن المواطن بات على وعي نسبي كبير بالدور المفترض القيام به من المجلس وأن المرحلة المُقبلة تتطلب المزيد من الصلاحيات التشريعية والرقابية حتى يقوم المجلس بما هو منوط به، ويكون خير معين للدولة في مواجهات التحديات الكبيرة، فالمرحلة المُقبلة تتطلب تكاتف وتعاضد من الجميع وهذا لا يتأتى إلا بتمكين المجلس من القيام بدوره الرقابي والتشريعي، وكلنا ثقة في القيادة الحكيمة وإيمانها الراسخ بدور كل فرد في بناء هذا الوطن ومدى تحمل مسؤوليته تجاه الوطن.

تعليق عبر الفيس بوك