برامج تعاون ومبادرات مشتركة بين الجهات المعنية ومؤسسات القطاع الخاص لدعم المبتكرين

مختصون: استثمارات واعدة للسلطنة في مجالات الابتكار.. وعدم كفاية الموارد المالية أبرز التحديات

 

البوسعيدية: اتفاقية مع "ريادة" لتعزيز المهارات التخصصية في البحث العلمي

الهنائي: حجم الاستفادة من التطور التقني يعتمد على توفير بيئة تمكينية للمبتكرين

الراشدية: "القوى العاملة" تنسق بين الكليات التقنية والقطاع الخاص لتبني المشاريع المتفردة

 

الرؤية - مريم البادية

 

أجمع مسؤولون ومختصون على أهمية الاستثمار في نشر ثقافة الابتكار وتنمية مهارات المبتكرين في مختلف المجالات، وأشادوا بجهود السلطنة في تعزيز التعاون بين الجهات المعنية ومؤسسات القطاع الخاص لتسهيل سبل دعم المُبتكرين وتحويل أفكارهم إلى مشاريع قابلة للتصنيع والتطبيق لتسهم في جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية، في ظل الجهود المكثفة للاستفادة من التطور المتسارع لتقنيات الثورة الصناعية الرابعة.

 

وأكدت معالي الدكتورة راوية البوسعيدية وزيرة التعليم العالي حرص السلطنة على الاهتمام بمختلف مجالات الابتكار، مشيرة إلى استمرار التعاون مع القطاع الخاص لدعم أنشطة الطلبة وإبراز مشروعات المبتكرين، ومن الأمثلة على ذلك توقيع اتفاقية مع "ريادة" لتعزيز المهارات التخصصية في مجال الابتكار والبحث العلمي، وهناك تقدم ملموس في هذا الجانب وإن كان يواجه عددا من التحديات، أبرزها عدم كفاية الموارد المالية لدعم المبتكرين وتشجيع الابتكار، وكذلك ضوابط التوظيف في مؤسسات التعليم العالي.

 

وقال محمد ولد أعمر المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "ألكسو" أثناء زيارته الأخيرة للسلطنة إن التحدي الأكبر الذي يواجه الدول تعزيز الاستثمار في البحث العلمي، وهنا يأتي دور منظمة "ألكسو" لرعاية الابتكارات ودعم الموهوبين في هذه الدول، مشيرا إلى ضرورة إيجاد الفضاء المطلوب لعرض تجارب ورؤى الموهوبين  ثم العمل على تحفيز القطاع الخاص للمساهمة في تشجيع المبتكرين العرب والوصول بهم إلى مستويات متطورة لإدارة مؤسساتهم في المستقبل، وكذلك العمل على رفع مستويات التنمية في الدول العربية.

وعبر ولد أعمر عن سعادته بالحراك الذي لمسه من قبل الشباب العماني نحو مجالات الابتكار، وقال إن إنشاء المركز الوطني لرعاية المبتكرين فكرة رائدة ستسهم في تأهيل المبتكرين العمانيين والوصول بهم إلى مستويات متقدمة في هذا المجال.

ومن جانبه قال الدكتور مهاب بن علي الهنائي، رئيس قسم التميز البيئي في الشركة العمانية القابضة لخدمات البيئة "بيئة": لا غنى عن تعزيز الابتكار وتوظيف التقنيات الجديدة لتحقيق النمو الاقتصادي من خلال زيادة الإنتاجية، إلى جانب دورها في إيجاد وظائف "خضراء". كما أن التكنولوجيا مفيدة لتعزيز تحول الاقتصادات، ورفع القدرة التنافسية. ومع ذلك، فإن قدرات البلدان على توظيف التكنولوجيا لتحقيق أهداف التنمية تتباين إلى حد كبير. فقدرة أي بلد ما على الاستفادة من التطورات التكنولوجية من خلال الابتكار تكون أكبر بوجود تواصل فعال مع مصادر التقنيات في جميع القطاعات وعلى مختلف المستويات المحلية والدولية، ويعتمد ذلك على إيجاد بيئة تمكينية إيجابية تجمع رأس المال المادي ورأس المال البشري، والاستثمار في البحث والتطوير والسياسات المحفزة والبيئة التنظيمية.

وأوضح الدكتور سليمان الهاشمي رئيس مختبر أبحاث الخلايا الجذعية والطب التجديدي في كرسيّ النَّباتات الطَّبيَّة العُمانيَّة ونتاج الأحياء البحريَّة بجامعة نزوى أن الابتكار هو أساس تطور أي دولة، مشيرا إلى أهمية احتضان العقول المبتكرة، لأن عمان تزخر بالمبدعين، خصوصا في مجال الطاقة المتجددة، حيث يوجد الكثير من المبتكرين في هذا المجال.

 

وقالت صفية الراشدية مديرة دائرة التطوير وتقييم الأداء بوزارة القوى العاملة: تم تدشين جائزة وزارة القوى العاملة للإبتكار في أبريل 2018م تحت شعار "الابتكار شراكة واستدامة" ضمن المبادرات الوطنية التي تسهم في بث روح المنافسة الشريفة بين طلبة الكليات التقنية والكليات المهنية وموظفي الوزارة لإبراز إبداعاتهم وإبتكاراتهم وتشجيعهم لتحويلها إلى واقع ملموس يسهِم في دفع عجلة التنمية المستدامة. وتهدف الجائزة إلى نشـر مفهـوم وثقافـة الابتكار، وزيادة الإنتاج الإبتكاري المبني على المعرفة وبلوّرة الأفكار الابتكارية لتحويلها إلى منتج له مردود اقتصادي، وإيجاد فرص عمل نوعية وتشجيع ريادة الأعمال، وتقوية الشراكة بين أطراف الإنتاج الثلاثة (الحكومة، وأصحاب الأعمال، والعمال) لدعم المشاريع الناشئة.

وأضافت الراشدية: حرصاً من وزارة القوى العاملة على إستدامة العمل بمجال الإبتكار، يواصل المختصون بدائرة التطوير وتقييم الآداء بالتعاون مع وحدات ريادة الأعمال والابتكار في بعض الكليات التابعة لوزارة القوى العاملة - التنسيق مع عدد من مؤسسات القطاع الخاص لدعم وتبني المشاريع المتأهلة، ولتقديم ورش عمل تدريبية لأصحاب المشاريع بهدف تمكينهم من الاستمرارية في مشاريعهم والعمل على تطويرها. ويقام  ملتقى سنوي للإبتكار في تلك الكليات بهدف تشجيع الإبتكار والتسويق للمشاريع والأفكار الإبتكارية من خلال إقامة المعارض التسويقية ودعوة مؤسسات القطاع الخاص للمشاركة في دعم وتبني المشاريع وتمويلها، وسيجري تنظيم جائزة وزارة القوى العاملة للابتكار كل عامين لرصد الإبتكارات بعد إقامة الملتقيات السنوية.

وقال بدر الحبسي رئيس قسم الابتكار والأولمبياد العلمي إن مركز الاستكشاف العلمي بتعليمية شمال الشرقية يهدف إلى إيجاد بيئة ترفيهية تعليمية ذات طابع تشويقي و تحقيق أهداف التعلم الإلكتروني بما يخدم المناهج الدراسية، ورعاية ودعم المواهب العلمية للطلبة وابتكاراتهم المميزة، وإيجاد وجهة علمية ومعرفية لأبناء المجتمع المحلي بكافة الشرائح، و عرض المعرفة ومستجداتها بأسلوب مرح وباستخدام أدوات ومكونات التكنولوجيا وتقنية المعلومات. وتجسد هذه الأهداف رسالة المركز المتمثلة في السعي لإثارة رغبة الاستكشاف العلمي منذ عمر مبكر بتوفير بيئة إبداعية عملية بأساليب مسلية و تكنولوجيا علمية متنوعة لتحقيق أهداف التعلم ليصبح لدينا أفضل مركز علمي تطبيقي وترفيهي لخدمة عمليتي التعليم والتعلّم على مستوى السلطنة.

ومن جهتها قالت الدكتورة شريفة الحارثية مديرة مشروع الاستراتيجية الوطنية للابتكار بمجلس البحث العلمي إن المنظومة الوطنية للابتكار في السلطنة منظومة شاملة أُسست لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030م ومن ضمنها الهدف التاسع المعني بالصناعة والابتكار والبنية الأساسية، الذي يتولى مجلس البحث العلمي مسؤولية الإشراف على تحقيقه، ويعتبر في حد ذاته منظومة متكاملة تشمل البنية الأساسية، والتصنيع، والبحث والتطوير والابتكار.

وأضافت الحارثية أن المجلس يعمل على طرح عدد من البرامج التي تشجع الابتكار مثل "برنامج مشاريع التخرج" بهدف التشجيع على ريادة الأعمال وإيجاد فرص عمل للباحثين، لكن يجب أن تكون المنظومة متكاملة لإنجاح هذه الشركات، لذلك يسعى المجلس إلى نشر ثقافة الهاكاثون، من خلال تنظيم "هاكاثون مطرح"  في 2017 بهدف تطوير الواجهة البحرية، إلى جانب هاكاثون آخر في صلالة وصحار.

ومن بين المؤسسات التي تعمل على نشر ثقافة الابتكار، تأتي جهود "الرؤية" في المقدمة من خلال مبادرتها التي تتبناها للعام السابع على التوالي، وهي جائزة الرؤية لمبادرات الشباب والتي تسعى من خلالها إلى دعم جهود التنمية؛ من خلال الربط بين الابتكار والتنمية في علاقة تشاركية، تقوم على قاعدة أن أي عمل ابتكاري هو عمل تنموي، إذ يخدم المسار التنموي بمشروعات أو تطبيقات تعزِّز الأداء، وترفع مستوى الخدمات المقدمة.

كما يمثل مجمع الابتكار مسقط مبادرة وطنية من مجلس البحث العلمي لتنفيذ منطقة علمية مهمتها احتواء الباحثين والمبتكرين، ويقع بجوار جامعة السلطان قابوس في الخوض،  على أرض مساحتها ٥٤٠ ألف متر مربع ، ويركز على 4 مجالات هي: الصحة، البيئة والمياه، الطاقة، والغذاء والتقنية الحيوية. وتتميز هذه المنطقة بمقومات ومكونات متنوعة كمركز للنمذجة بورش مختلفة يأتي دورها في مساعدة المبتكرين ورواد الأعمال على تحويل أفكارهم إلى نماذج أولية. ويضم مركزا اجتماعيا بمرافق ترفيهية لكسر الروتين، وحاضنات أعمال لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة وكذلك الناشئه، فضلا عن خدمات أخرى تتعلق بالاستشارات في المجالات المالية والاقتصادية ودراسة الجدوى وما شابهه. ويعول على المجمع دور كبير لجعل السلطنة في مصاف الدول المتقدمة علميا، عبر توظيف العلم والتقنية في التحول نحو الاقتصاد المبني على المعرفة.

 

 

 

تعليق عبر الفيس بوك