عبيدلي العبيدلي
فيما تقف منطقة الشرق الأوسط على شفير هاوية اندلاع حروب، تواصل منطقة الخليج استعداداتها لاستقبال حدثين مهمين، تستقبلهما مدينة دبي، الأول منهما هو معرض جايتكس 2019، الذي تنطلق أعماله خلال الأسبوع الأول من شهر أكتوبر 2019، والثاني في النصف الثاني من العام 2020، وتتواصل أنشطته لما يقرب من 6 أشهر.
وفيما يقتصر الأول منهما على قطاع التكنولوجيا بمختلف فروعها وفعاليتها، سيتسع نطاق الثاني، كي يشمل منتجات الدول المشاركة بشكل عام. وتستعد البحرين للمشاركة في الفعاليتين، تقود الأولى منهما الجمعية البحرينية لشركات التقنية "بتك". وتصل هذه المشاركة إلى رقمها السابع عشر على التوالي.
وقد حققت المشاركة البحرينية في جايتكس لما يزيد عن 15 عاماً متواصلة، مجموعة من النجاحات التي تحث قطاع تقنية المعلومات والاتصالات، بشقيه العام والخاص على المشاركة، وتجعل من هذه الأخيرة ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها، ليس في خطط الإنتاج، فحسب، بل في نطاق الترويج والتسويق أيضا. وقبل الحديث عن مبررات المشاركة، نجد ضرورة الحديث عن العوامل الرئيسة، التي تقف وراء تلك النجاحات:
يتصدر هذه العوامل، عامل أساسي وهو أنَّ المشاركة تتم على مستوى وطني شامل، رغم كونها محصورة في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات. إذ جرت العادة أن يحتضن "الرواق البحريني" في جايتكس مُشاركين من مختلف القطاعات الحكومية وتلك التي تمثل القطاع الخاص. بل هناك من المشاركين من يقف في منزلة بين منزلتين، مثل صندوق إصلاح سوق العمل "تمكين"، و"مجلس التنمية الاقتصادية". هذا يجعل من الرواق البحريني محطة اتصال وتواصل حية ودينامية طوال فترة المعرض التي تستمر خمسة أيام متواصلة. ويسجل لـ "تمكين" هنا أن دعمها لا يقتصر على دعم الشركات العارضة، بل يتجاوزه إلى مستوى المُشاركة المباشرة.
ثاني تلك العوامل الأهمية الاستراتيجية التي يوليها "تمكين" لهذه الفعالية، التي تكلف الشركة المشاركة مبالغ تفوق قدرات الموازنات الترويجية التي ترصدها نسبة عالية من الشركات الصغيرة والمتوسطة البحرينية لتسويق خدماتها التي تقدمها، ومنتجاتها القابلة للتصدير. فتأتي مشاركة "تمكين" التي تصل إلى ما يزيد على 80% من الكلفة الإجمالية لـ "الرواق البحريني": موزعة على ما قيمته 100% من كلفة مشاركة الشركات الناشئة (Start-up)، و70% من الشركات المتوسطة والصغيرة الحجم، عنصرا أساسيا من قدرة البحرين على المشاركة أولا، والترويج لمُنتجات تقنية المعلومات البحرينية الأصيلة ثانيا، وموضعة الصناعة البحرينية في هذا المجال في المكان الذي تستحقه في سوق إقليمية شديدة التنافس ثالثا وليس أخيرا.
ثالث تلك العوامل، هو الاهتمام الذي تبديه الحكومة الإلكترونية، وفق نظرتها الثاقبة في تهيئة البحرين للتحول التدريجي السلس، المتزن، والآمن، من المُجتمع التقليدي إلى المجتمع الإلكتروني، ومن ثم تجد حكومة البحرين الإلكترونية التي يعطي حضورها نكهة خاصة للرواق البحريني، في مشاركتها في جايتكس، تأكيدا ملموسا على تنفيذ مشروعاتها القائمة على ما يعرف باسم الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP).
رابع تلك العوامل هو مشاركة مجلس التنمية الاقتصادية بشكل مباشر في الرواق البحريني. ويمد هذا الحضور الرواق البحريني في جايتكس بالذراع البحرينية في الأسواق الإقليمية والدولية، التي لا تستغني عنها أية شركة باحثة عن أسواق إقليمية، بل وحتى دولية، تتجاوز إمكانات السوق البحرينية المحلية. هذا يضيف بعدًا آخر عند حصر العوامل التي وقفت، وما تزال تقف وراء النجاحات التي يحققها ذلك الرواق.
وحين يحين وقت الحديث عن النجاحات التي تبرر ضرورة المشاركة، يمكن الحديث عن مستويين: الأول يتعلق بالفئة الأولى من الشركات، والمقصود بها ذات الحجم المتوسط والصغير، والتي يمكن القول إن المشاركة تعني - بالنسبة لها - مجموعة من الدوافع والنجاحات يمكن أن نحصر الحديث في الأهم بينها في النقاط الرئيسة التالية:
التواصل المباشر مع الشركاء المزودين للشركات المحلية بالحلول المعقدة والكبيرة التي لا تستطيع الشركات البحرينية بناءها نظراً لارتفاع الكلفة، وعدم توفر الخبرة المحلية المطلوبة، بالإضافة إلى صغر حجم السوق الذي لا يبيح التوسع في اقتناء مثل تلك الحلول بشكل دائم.
الاطلاع على اتجاهات صناعة سوق تقنية المعلومات والاتصالات، واختيار المناسب منها للسوق البحرينية.
التواصل مع الزبائن البحرينيين، ممن يشاركون أو يزورون المعرض، ومن ثم يعززون من العلاقات القائمة بينهما، أولا، ويتلمسون احتياجاتهم المستقبلية ثانيا، ويتوصلون إلى تقويم ما هو متاح في الأسواق بشكل مشترك، ثالثا.
أما الضرورة الرابعة، فهي قياس مستوى منتجات الشركة مقارنة بمنافساتها، وعلى وجه الخصوص البحرينية منها، من خلال التنافس الذي تولده الجائزة التقنية التي خصصتها "بتك" للشركة الفائزة بأفضل منتج أو خدمة خلال العام الذي يسبق موعد إقامة معرض جايتكس. وبمناسبة مشاركتها في المعرض في هذا العام.
أما بالنسبة للشركات الناشئة، فتكفي الإشارة السريعة إلى تحقيق ثلاثة أغراض رئيسة تقف وراء ضرورة المشاركة، هما:
الاحتكاك الإيجابي المُباشر مع المنافسين القائمين أو المحتملين، إذ فرزت إدارة المعرض قاعة مخصصة للشركات الناشئة فقط. هكذا تجد هذه الشركات نفسها تحت سقف واحد يبيح لها تبادل المعلومات بينها عبر قناة قصيرة وفائقة السرعة.
توفر الشركات الاستثمارية الباحثة عن مثل تلك الشركات الناشئة الحبلى بمنتجاتها أو خدماتها الواعدة، والتي بحاجة إلى دفعة مالية أو تقنية، أو ربما تسويقية من أجل الترويج لما بين يديها، ولا يحتاج ذلك إلى أكثر من دفعة سريعة في اتجاه معين كي يتحول من منتج تحتضنه تلك الشركة الناشئة، إلى منتج تبحث عنه السوق التي تفتش عنها.
الفوز بالجائزة المخصصة لأفضل خدمة أو منتج يستحق نيل تلك الجائزة التي تخصصها "بتك" للشركات الناشئة فقط، وبمناسبة مشاركتها في المعرض في هذا العام.
جميع تلك العوامل، وكل تلك الأسباب، سوية مع مجموعة النجاحات التي أشير لها، جعل من المشاركة البحرينية ضرورة مُلحة لا يمكن الاستغناء عنها، من أجل النهوض بصناعة تقنية المعلومات والاتصالات البحرينية، كي يتسنى لها القدرة على الوقوف والمنافسة في سوق إقليمية في غاية التنافس.