الدعوة إلى ربط ميزانيات الدول بـ"الأهداف الأممية" وسن تشريعات رقابية

ندوة "المجالس التشريعية" توصي بإصدار قانون استرشادي موحد للتنمية المستدامة بدول الخليج

مسقط - الرؤية

نظَّم مجلسُ الشورى، صباح أمس، ندوةً حول "دور المجالس التشريعية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة"؛ وذلك بحضور أعضاء من المجالس النظيرة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

وخرجتْ الندوة بعددٍ من التوصيات والرؤى والمناقشات الهادفة والمثرية، التي أكدت ضرورة إصدار قانون استرشادي موحَّد للتنمية المستدامة يتوافق بين الخطط التنموية الوطنية وأهداف التنمية المستدامة الكلية، إضافة إلى العمل على إنشاء لجنة معنية بمتابعة أهداف التنمية المستدامة لكل مجلس. وكذلك إيجاد دليل برلماني استرشادي موحَّد يخصُّ أهداف التنمية المستدامة بالنسبة للمجالس التشريعية الخليجية.

جاء ذلك خلال الندوة التي نظَّمها مجلس الشورى، تحت رعاية سعادة خالد بن هلال المعولي رئيس مجلس الشورى، وبحضور المكرمة الدكتورة سعاد بنت سليمان اللواتية نائبة رئيس مجلس الدولة، وسعادة المهندس محمد بن أبوبكر الغساني نائب رئيس مجلس الشورى، والمكرمين أعضاء مجلس الدولة، وأصحاب السعادة أعضاء مجلس الشورى، وعدد من أعضاء مجالس الشورى والنواب والوطني والأمة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وبحضور عدد من أصحاب السعادة وكلاء الوزارات والمسؤولين بمختلف موسسات الدولة.

وهدفتْ الندوة إلى التأكيد على الدور الرقابي والتشريعي للمجالس البرلمانية في الإسهام في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والاطلاع على الخطط العملية التي تتبعها المجالس التشريعية في تنظيم وإنجاز أدوارها بفاعلية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتقييم مدى التزام الحكومات بتحقيقها، إضافة إلى الاطلاع على رؤية بعض المنظمات والمؤسسات لدور المجالس التشريعية في تحقيق التنمية المستدامة.

وبدأتْ الندوة بكلمة ألقاها سعادة الشيخ علي بن ناصر المحروقي أمين عام مجلس الشورى؛ أشار خلالها إلى أن الندوة تأتي ضمن المقترح الذي تقدم به مجلس الشورى العُماني في أعمال الاجتماع الدوري الثاني عشر لأصحاب المعالي والسعادة رؤساء مجالس الشورى والنواب والوطني والأمة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والمنعقد في مارس الفائت بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية. والذي كان فحواه التركيز على دراسة دور المجالس التشريعية في الخليج في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وأوضح أن خطة التنمية المستدامة للعام 2030، انطلقت بناء على القرار الذي اتَّخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر 2015، بتبنِّي مجموعة من الأهداف ترنو لتحقيق حياة أفضل لسكان العالم؛ حيث تمَّ تفصيلها فيما مجموعه 17 هدفاً و169 غاية تمت صياغتها بعد حملات كبرى للاستشارات العالمية، كما شاركتْ فيها مختلف دول العالم وخبراء متخصصون في كافة مجالات التنمية وناشطون في مختلف قطاعاتها. وبين أن للبرلمانات وممثليها أدوارًا كبيرة في اللجان الاستشارية التي عملت على صياغة هذه الأهداف بالتكامل مع مؤسسات مختلفة وممثليات عن المجتمع الأكاديمي والمدني والحكومات بمؤسساتها التنفيذية المختلفة. كما شارك البرلمانيون أيضاً في مختلف المحافل الدولية التي سبقت إعلان الأهداف؛ وأهمها: المؤتمر الدولي الذي عقد على هامش اجتماع الاتحاد البرلماني الدولي الـ128 في مارس 2013؛ حيث أكد البرلمانيون فيه دعمهم للجهود الأممية للتوصل لأهداف التنمية المستدامة.

وأضاف سعادته: صنف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي السلطنة ضمن الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة؛ حيث حلت في المرتبة الخامسة عربياً والثامنة والأربعين عالمياً من بين 189 دولة في العام 2018م. ولقد ركز الاستعراض الوطني الطوعي الأول لسلطنة عُمان 2019 على الجهود التي بذلتها السلطنة إزاء تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وأشار الاستعراض إلى أن أهداف التنمية المستدامة بأبعادها الثلاثة: الاجتماعية، والاقتصادية، والبيئية، لم تغب عن الخطط التنموية والإستراتيجيات الوطنية للسلطنة. وتابع المحروقي قائلا: إنَّ من بين الحقائق التي أفصح عنها الاستعراض الوطني للسلطنة، أنَّ نسبة السكان الذين يعيشون بما يعادل بالقوة الشرائية 1.9 دولار يوميًّا هي صفر بالمئة. وفيما يتعلق بالصحة فإنه وطبقاً لبيانات منظمة الصحة العالمية فإن 75% هي قيمة مؤشر التغطية الصحية الشاملة في السلطنة حسب معطيات العام 2017. وأكد سعادته أنَّ عملية التنمية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لها خصوصيتها الفارقة، وأوضاعها المتمايزة عن بقية أقطار العالم؛ لما ترتكز عليه هذه المنطقة من طبيعة تكوين ثقافي وسياسي واقتصادي واجتماعي مختلف؛ الأمر الذي يفرض صياغة منظورات خاصة لفهم عملية التنمية ومسارات ذات خصوصية أكبر في سبيل تحقيق أهداف التنمية المستدامة على مستوى دول المنطقة. وأوضح أنَّ هذه الندوة ومستهدفاتها ستُسهم في صياغة هذا المنظور الأولي الذي يفضي لثلاثة مخرجات أساسية؛ وهي: فهم الدور الراهن للمجالس التشريعية في الخليج في سبيل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والاطلاع على آليات المساهمة التشريعية والرقابية المنتظرة من هذه المجالس في سبيل تسريع تحقيق هذه الأهداف، وكذلك صياغة منظور خاص للممارسة التشريعية على مستوى هذه المجالس يكون كأداة استرشادية معينة لها في سبيل مناقشة وتحقيق هذه الأهداف.

وتضمَّنت الندوة جلستين؛ احتوت كل جلسة على عدة أوراق عمل، وتناولت الجلسة الأولى -التي أدارها سعادة د. حمود بن أحمد اليحيائي رئيس لجنة الخدمات والتنمية الاجتماعية بمجلس الشورى- ورقة عمل مقدمة من اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، قدمتها كريمة القري رئيسة الوحدة المعنية بخطة أهداف التنمية المستدامة 2030.

أمَّا ورقة العمل الثانية من الجلسة الأولى -والتي قدمها خالد بن علي السنيدي رئيس مكتب رؤية عمان 2040- فقد أشار إلى أن الخطة الخمسية العاشرة للسلطنة هي أول خطة تنفيذية لتحقيق رؤية 2040.

بعدها، دارتْ نقاشات مُستفيضة حول الورقتين المقدمتين، تركزت على دور المجالس التشريعية في متابعة تحديث التشريعات والقوانين، والنظر في تأخر صدورها.

أما الجلسة الثانية -والتي أدارها سعادة توفيق بن عبدالحسين اللواتي عضو اللجنة الاقتصادية والمالية ولجنة التربية والعليم والبحث العلمي بالمجلس- فقد تضمَّنت عدة أوراق عمل، مقدمة من المجالس التشريعية النظيرة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية؛ منها: ورقة عمل حول الدور الرقابي والتشريعي للمجلس الوطني الاتحادي في الإسهام في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، قدمها سعادة سعيد الرميثي عضو المجلس الوطني الاتحادي بالإمارات. أما ورقة العمل الثانية، فقدمها سعادة د. هشام العيسري عضو مجلس النواب البحريني، حول دور المجالس التشريعية في تحقيق التنمية المستدامة. في حين تطرقت ورقة العمل الثالثة إلى جهود المملكة العربية السعودية في التنمية المستدامة ودور مجلس الشورى فيها، وقدمها سعادة د. خالد العقيل عضو مجلس الشورى السعودي. وقدم سعادة د. صالح بن سعيد مسن رئيس اللجنة الاقتصادية والمالية بمجلس الشورى، ورقة عمل حول أبرز مؤشرات التنمية الاجتماعية والاقتصادية في السلطنة، وسياق التنمية المستدامة. كما تحدث سعادة الدكتور رئيس اللجنة الاقتصادية والمالية بالمجلس عن الدور التشريعي والرقابي الذي يقوم به المجلس في سبيل تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

أمَّا ورقة العمل الخامسة، فقد قدمها سعادة صقر بن فهد المريخي عضو مجلس الشورى القطري، والتي تحدثت عن التنمية المستدامة في دولة قطر، ودور مجلس الشورى القطري في تحقيق التنمية المستدامة.

أمَّا ورقة العمل الأخيرة، فقدمها سعادة علي الدقباسي عضو مجلس الأمة الكويتي؛ حيث أوضح دور البرلمانات المحوري في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وفي ختام الجلسة الثانية، دارت نقاشات موسعة حول ما تضمنته أوراق العمل؛ منها: الاستفسار عن دور البرلمانات حيال التقارير الورادة إليها من الأجهزة الرقابية. ومدى قوة الصلاحيات الممنوحة للمجالس التشريعية بما يلزم تحقيق أهداف التنمية المستدامة، منوهين بأهمية الدور التكاملي مع الجهات الأخرى المعنية في تحقيق تلك الأهداف. وأكد الحضور على أهمية إصدار قوانين مشتركة بين دول مجلس التعاون الخليجي لدول الخليج العربية من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وأثمرت ندوة دور المجالس التشريعية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بجملة من التوصيات بعد سلسلة من النقاشات الهادفة وطرح العديد من الرؤى والأفكار؛ من أبرزها: العمل على إصدار قانون استرشادي موحد للتنمية المستدامة يتوافق بين الخطط التنموية الوطنية وأهداف التنمية المستدامة الكلية، إضافة للعمل على إنشاء لجنة معنية بمتابعة أهداف التنمية المستدامة لكل مجلس، وإيجاد دليل برلماني استرشادي موحد يخص أهداف التنمية المستدامة بالنسبة للمجالس التشريعية الخليجية. وأوصت الندوة بإدراج فصل كامل في مشروعات الموازنات العامة يُعنى بأهداف التنمية المستدامة. وتضمنت التوصيات مواءمة الخطط والإستراتيجيات الوطنية بما يتوافق مع أهداف التنمية المستدامة ومراقبة ومتابعة تنفيذها مع الجهات ذات العلاقة. إلى جانب التوصية بإلزام الجهات المعنية بالتنمية المستدامة بتطبيق مبدأ الشفافية والإفصاح وتقديم الإحصائيات والمعلومات الدقيقة التي تعطي مؤشرات واضحة تمكِّن المجالس التشريعية من المراقبة الفاعلة على عملية التنمية المستدامة.

تعليق عبر الفيس بوك