تشديد عقوبات الغش والتدليس

ناصر بن سلطان العموري

 

الغش والتحايل موجود منذ قديم الأزل متى ما وجدت النفس البشرية وللأسف الحاجة عند بعض ضعفاء النفوس تبرر الوسيلة دون النظر للطريقة إن كانت شرعية أم لا فالأهم هو الربح المادي والباقي غير مهم حتى ولو كان يتعلق بأرواح البشر وأصبحت المادة وبريقها تطغى على الفطرة الإنسانية فشعار عبدة المال لا حبيب ولا قريب سوى المال أكان بالحلال أم بالحرام والعياذ بالله.

وما دعاني لكتابة هذا المقال هي الضبطية التي قامت بها الهيئة العامة لحماية المستهلك مؤخرًا لإحدى المؤسسات التجارية العاملة في مجال بيع قطع غيار المركبات والتي تقوم ببيع قطع غيار مقلدة على أنها أصلية وبأساليب غاية في الدهاء والمكر فأغلب علب قطع الغيار وضع عليها شعار أنواع السيارات بإحكام مع استعمال الملصقة الفسفورية في آخر تحديث خاص بالشركة المنتجة للقطعة وعند التدقيق والتمحيص في نوعية القطعة نجد إما رمز القطعة يختلف عمَّا هو موجود على العلبة أو أنها مجهولة المصدر (لا وجود لاسم المصنع أو البلد المصدّر)، كما أن بعض العلب تحتوي على قطعة مختلفة تماماً عما تمّ كتابته في العلبة، لكن الشيء الأخطر هنا والذي لا يجب إغفاله أن نصف هذه القطع غير الأصلية هي من فرامل السيارات والتي تفتقد لأدني معايير ومواصفات الأمن والسلامة وهو ما يتسبب بأضرار جسمية للمستهلك وممتلكاته وعلى مستعملي الطرق بصفة عامة فأي بضاعة للموت كانت ستباع لنا؟!

فكل الشكر هنا للهيئة العامة لحماية المستهلك التي تثبت لنا في كل مرة وحين أنها  من المواطن وإلى المواطن وهي  في مدة وجيزة من إنشائها مقارنة بجهات أخرى سبقت نفسها وحجزت لها مكاناً في قلب كل عماني.

والسؤال المطروح هنا كيف دخلت هذه السلع المُقلدة وأين دور الجهات الرقابية هنا وأعتقد أن هناك دورا لكل من الجمارك ووكالات السيارات والمواطن نفسه؟

الجمارك: ينبغي عليها تعيين مختصين في كشف مثل هذه السلع عبر المنافذ الحدودية ولا بأس من الاستعانة بمختصين من وزارة التجارة والصناعة في مجال الملكية الفكرية أو إنشاء قسم تابع للجمارك في نفس المجال، كما هو معمول به في بعض الدول الخليجية فلا ينبغي أن تمر مثل هذه السلع عبر حدودنا مرور الكرام دون كشفها من قبل خط الدفاع الأول لا نُقلل من إمكانيات جماركنا ولكن بات تهريب مواد مخالفة يتطور وبأساليب شتى فلماذا لا نطور أجهزتنا وأفرادنا من العاملين في المنافذ الحدودية.

وكالات السيارات: ما الذي يستدعي المواطن شراء قطع الغيار حتى وإن كانت أصلية من محلات أخرى أو من دول الجوار غير غلاء أسعار هذه القطع في وكالات السيارات والمطلوب هنا من وكالات السيارات أن تراعي المستهلكين في أسعار قطع الغيار أكثر مما هو حاصل حالياً بالإضافة إلى زيادة فتح نوافذ بيع أخرى أكثر مما هو موجود في أغلب المناطق الصناعية بالمحافظات حتى يسهل على المواطن الوصول إليها وباقل الأسعار.

المستهلك: عليه أن يكون ذلك المستهلك الواعي ذو العين البصيرة وأن يكون مدركا لما يشتريه من جودة السلع والبضائع فلا ينجر وراء رخص الأسعار والكلام المعسول من الباعة فهمهم تصريف البضاعة بشتى الوسائل والطرق حتى ولو على حساب أرواح البشر وياحبذا أن يكون المستهلك العين الثالثة لهيئة حماية المستهلك ويبلغ عما يراه مخالفًا عبر القنوات الرسمية للهيئة.

رسالة نداء توجه للجهات القانونية ذات الاختصاص أساليب الحيل والغش والتدليس باتت تتقدم وتتطور وبعض القوانين لدينا لازالت قديمة عتيقة ارفعوا الحصانة عن قانون التشهير لاسيما فيما يتعلق بالشركات والمؤسسات التجارية التي تضبط بغش وخداع المستهلكين... فهم يحتمون بظل هذا القانون ولو عرفوا أن سمعتهم ستكون على كل لسان لما تجرأوا على غش بلد خيراتهم منه... المعادلة بسيطة (ارفعو الحصانة عن قانون التشهير متى ما كانت صحة وسلامة المستهلك على المحك وغلظوا العقوبات وحدثوا القوانين واضربوا بيد من حديد ليعيش المجتمع في أمان واطمئنان).