"بلومبرج": "هجوم أرامكو" ضربة للنفط السعودي وفرصة للخام الأمريكي

ترجمة- رنا عبدالحكيم

اعتبرت وكالة بلومبرج الإخبارية أن تعرض منشأتين تابعتين لشركة أرامكو السعودية يمثل اختبارا حقيقيا لوضع سوق النفط، بعدما تجاهلت السوق خلال الفترة الماضية تأثير العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، وقبل ذلك الهجمات على ناقلات نفطية قبالة سواحل الإمارات.

وشنت طائرات مسيرة هجمات شديدة على معملين لأرامكو في منطقة بقيق السعودية، والتي تعد أهم جزء من البنية التحتية النفطية في العالم، وفقا لما يراه تقرير وكالة بلومبرج الذي أعده ليام دينينج. وقالت السعودية إن الهجوم أثر على إنتاج 5.7 مليون برميل يوميا، أو ما يقرب من نصف إنتاج المملكة.

لكن القضية الأكثر أهمية تتمثل في الوقت المستغرق لإصلاح الخلل الناجم عن الهجمات؟ وحتى كتابة التقرير- تقول بلومبرج- ليس من الواضح ما إذا كانت الضربة تمت بأسلحة أم صواريخ أطلقتها الطائرات بدون طيار أو مزيج منها. والحجم الهائل لمنشأة بقيق، الذي يغطي أكثر من ميلٍ مربع، يؤكد أن "هجوما عنيفا" يتسبب في توقف الإنتاج، والذي قد يدوم لفترة طويلة. وعدم معرفة الوقت المحتمل لمعالجة آثار الهجوم، يضيف بعض المخاطر إلى أسعار النفط.

وسادت حالة من عدم اليقين في الأسواق قبل يوم السبت عندما وقع الهجوم، ما أثر على الأسعار، وتزامن ذلك إلى حد كبير مع توترات الحرب التجارية، إلى جانب العزل المفاجئ لمستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون. ويعني ذلك أن ثمة مؤامرات جيوسياسية قديمة تدفع باتجاه آخر.

وكان من الصعب تخيل إحراز تقارب كبير في العلاقات الأمريكية الإيرانية حتى قبل نهاية هذا الأسبوع، على الرغم من مغادرة بولتون. والآن، مع إعلان جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن مسؤوليتها عن توجيه ضربة إلى قلب الاقتصاد السعودي، وتوجيه وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو اللوم إلى إيران مباشرة بسبب الهجوم، فمن المستبعد أن يحل النفط الإيراني محل الخام السعودي مع تعطل الإمدادات.

لكن من ناحية أخرى، إذا تعطل إنتاج السعودية لفترة طويلة، نحو أسابيع على الأقل، فإن المشترين الآسيويين الذين يسعون للحصول على نفوط ثقيلة لتغذية مصافيهم، سيكون لديهم المبرر الكافي لشراء النفط الإيراني رغم العقوبات.

وتقول وكالة الطاقة الدولية إنها تراقب الأوضاع، لكنها تلاحظ أن الأسواق "حاضرة بشكل جيد"، مما يشير إلى أنها تتوقع أن تقوم المملكة العربية السعودية بإصلاح الأمور سريعا.

وما هو واضح الآن أن سوق النفط دخل مرحلة جديدة وخطيرة، وسيكون من شبه المؤكد أن يقوم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي قاد تدخل المملكة العربية السعودية في اليمن بخطوة خاصة إذا كان الهجوم قد تسبب في فقدان كميات كبيرة من النفط لفترة طويلة.

وفي هذه الحالة، يراقب الجميع أيضًا خطط الاكتتاب العام لشركة أرامكو السعودية، وهي تمتزج "حرفيًا" مع الدخان الصاعد نتيجة الهجمات.

ويرى تقرير بلومبرج أن هذا التصعيد يمكن تفسيره على أنه رد من إيران على حملة "الحد الأقصى من الضغط " التي تشنها واشنطن على طهران، إذا لم تستطع الأخيرة تصدير خامها، وبالتوازي للسعوديين أيضا، وقد يكون هذا هو التفكير الصفري في اللعبة؛ إذ إن فرصة سوء التقدير أو مزيد من التصعيد مرتفعة للغاية.

ومن المؤسف أن الصراعات في أسواق النفط في هذه المنطقة من العالم تضر في النهاية بثروات الصناعة على المدى الطويل.

وعلى المدى القصير سيتيح غياب النفط السعودي فرصة غير متوقعة للمنتجين الآخرين، بما في ذلك منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة. لكن مع تباطؤ النمو في الاستهلاك، فإن التبعات الجيوسياسية تهدد بمزيد من الضغط. وبحسب اقتصاديين، فإن ارتفاعات الأسعار الناتجة عن العنف العشوائي، لا تعد بديلا عن قوة الطلب الحقيقية من المستهلكين.

علاوة على ذلك، نحن على بعد أقل من 5 أشهر من انطلاق المجمعات الانتخابية السابقة للانتخابات الرئاسية الأمريكية، والتي ستشهد تحديد- في جزء كبير منها- ما إذا كانت الولايات المتحدة ستتجنب الركود المحتمل أم لا.

وترسخت حساسية ترامب تجاه أسعار النفط في منتصف 2018 على فترات، وبالتالي فإن التصعيد المفاجئ للصراع في الأسابيع والأشهر المقبلة قد يلقي بمزيد من الظلال القاتمة على سوق النفط، بدءًا من السحب من الاحتياطيات الاستراتيجية إلى الحظر التام لصادرات النفط.

وثمة مشكلة وجودية يجب مراعاتها أيضًا، حيث يعد تغير المناخ أحد الموضوعات الرئيسية التي يتم مناقشتها بين الديمقراطيين قبل انتخابات ولاية أيوا الحاسمة. ومع ذلك، وبينما تشير استطلاعات الرأي إلى أن القضية يتردد صداها مع نسبة متزايدة من الأمريكيين، تشير المواقف السابقة إلى أنه من الصعب للغاية جعل الناخبين يركزون على قضايا الطاقة ما لم تكن الأسعار مرتفعة، كما في عام 2008. وقد يكون هذا هو الحال في عام 2020، إذا ما تم اللعب على خلفية الصراع في الشرق الأوسط، وارتفاع أسعار النفط وما ترتب على ذلك من أضرار بالنمو الاقتصادي.

تعليق عبر الفيس بوك