"اليابان تايمز": جمود المفاوضات بين طوكيو وموسكو يستدعي إعادة تقييم الأمور

ترجمة- رنا عبد الحكيم

فشل اجتماع القمة الأخير بين رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي عقد في فلاديفوستوك قبل أسبوعين، في إحراز أي تقدم في المحادثات بين البلدين لحل الخلاف الإقليمي المستمر منذ عقود حول مجموعة من الجزر التي تسيطر عليها روسيا قبالة هوكايدو.

وفي اجتماعهم للمرة السابعة والعشرين، أكد الجانبان أنهما سيواصلان العمل بشأن هذه القضية، التي منعت طوكيو وموسكو من إبرام معاهدة سلام الحرب العالمية الثانية، بطريقة "موجهة نحو المستقبل". وقالت صحيفة "اليابان تايمز" اليابانية في افتتاحيتها إن الجانبين لم يبديا الكثير من التقدم سواء فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية المشتركة المقترحة للجزر، والتي يأمل آبي أن تسرع محادثات معاهدة السلام، باستثناء الاتفاق على عقد مشروع تجريبي للسياحة في أكتوبر المقبل.

وفي نوفمبر الماضي، وافق آبي وبوتين في سنغافورة على ضرورة تسريع وتيرة المحادثات على أساس البيان المشترك بين اليابان والاتحاد السوفيتي عام 1956، والذي دعا إلى تسليم جزيرتين متنازع عليهما- وهما جزيرتا شيكوتان وهابوماي- إلى اليابان بعد إبرام معاهدة السلام. واعتبر ذلك خروجًا عن موقف طوكيو المتمثل في السعي إلى عودة جميع الجزر، بما في ذلك كوناشيري وإيتوروفو الأكبر حجمًا.

من خلال الإخلال بموقفها من تسريع المفاوضات مع روسيا، تواترت أنباء أن هناك تفاؤل في وقت من الأوقات من جانب اليابان وأنه قد يتم التوصل إلى شكل ما من الاتفاق الواسع عندما زار بوتين اليابان في يونيو الماضي لحضور قمة مجموعة العشرين في أوساكا. لكن، الآمال لم تكن واقعية بالقدر الكافي؛ حيث يبدو أن المحادثات الثنائية حول الخلاف الإقليمي دخلت في طريق مسدود وتشددت روسيا في موقفها من هذه القضية.

ويُعتقد أن آبي، الذي يعد الآن أطول رئيس وزراء في تاريخ ما بعد الحرب، حريص على حل الخلاف الإقليمي مع روسيا ليكون إرثا من بعد إدارته. لكن استراتيجية الإدارة المتمثلة في بناء علاقة شخصية وثيقة بين آبي وبوتين من خلال المحادثات المتكررة، وتعميق العلاقات الاقتصادية بين البلدين لدفع المحادثات حول النزاع الإقليمي إلى الأمام، لم تسفر عن تقدم كبير في حل الخلاف.

وتؤكد طوكيو رسمياً أن الجزر المتنازع عليها هي أراضي ملازمة لليابان، والتي استولت عليها موسكو بطريقة غير شرعية منذ أن استولت القوات السوفيتية على الجزر في نهاية الحرب العالمية الثانية من خلال انتهاك ميثاق الحياد المتبادل. من ناحية أخرى، جادلت موسكو بأن على اليابان أولاً أن تدرك أن الجزر أصبحت أرضًا روسية كنتيجة مشروعة للحرب العالمية الثانية.

ومن الواضح أنه على أمل الوصول إلى انفراج مع روسيا وعدم استعدائها، تجنب قادة الحكومة في طوكيو في الأشهر الأخيرة تسمية الجزر المتنازع عليها في اليابان بأنها "أراضٍ ملازمة" لليابان أو استنكار "الاحتلال غير المشروع" من جانب موسكو في مداولات بشأن هذه القضية. لكن هذا لم يمنع روسيا من تكرار موقفها المتشدد.

وتصعد روسيا أيضًا من خطابها بأن التحالف الأمني الياباني مع الولايات المتحدة يقف في طريق حل الخلاف الإقليمي. وعبر بوتين عن انزعاجه من احتمال نشر قوات أمريكية في الجزر المتنازع عليها بموجب التحالف الياباني الأمريكي بمجرد تسليمها إلى اليابان. كما تتهم موسكو اليابان بأن نشرها المزمع لنظام الدفاع الصاروخي الأرضي من طراز "إيجيس آشور"، المصمم للتعامل مع الصواريخ الباليستية الكورية الشمالية، يشكل تهديدًا أمنيًا لروسيا. وترى الصحيفة أن مثل هذه الاتهامات تتحدى سياسات الأمن القومي في اليابان وغير مقبولة.

زعقدت آخر محادثات بين آبي وبوتين في الوقت الذي زار فيه رئيس الوزراء الياباني فلاديفوستوك لحضور المنتدى الاقتصادي الشرقي، وهو منتدى إقليمي أطلقه بوتين لجذب مزيد من الاستثمارات إلى منطقة الشرق الأقصى في روسيا. وحضر آبي المنتدى للسنة الرابعة على التوالي، في إشارة واضحة إلى استعداده لتوسيع العلاقات الاقتصادية مع روسيا كحافز لتسوية النزاع الإقليمي.

من ناحية أخرى، تسير روسيا بطريقتها الخاصة في السعي لتحقيق التنمية الاقتصادية للأراضي المتنازع عليها وتحديث منشآتها العسكرية في الجزر. وقبيل المحادثات مع آبي، شارك بوتين في حفل، عبر تقنية الفيديو كونفرنس، لإطلاق مصنع جديد لمعالجة المصايد في جزيرة شيكوتان.

وفي عام 2016، وافق آبي وبوتين على مناقشة التنمية الاقتصادية المشتركة للجزر المتنازع عليها. لكن روسيا لا تزال تصر على شروط مثل هذا التعاون غير المقبول لليابان - قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لابروف في أغسطس الماضي إن الأنشطة الاقتصادية المشتركة يجب أن تتم بموجب القوانين الروسية. بينما تنظر طوكيو إلى التنمية المشتركة للجزر المتنازع عليها كإجراء للمساعدة في حل الخلاف الإقليمي، فإن موسكو تعتبرها وسيلة لجذب الاستثمارات اليابانية.

وترى الصحيفة أنه بدلاً من تضييق الفجوة حول النزاع الإقليمي، يبدو أن المحادثات اليابانية الروسية منذ العام الماضي أبرزت الاختلافات الأساسية في مواقف الجانبين، ولكسر الجمود ودفع المحادثات إلى الأمام، تحتاج الحكومة إلى مراجعة مقاربتها للخلاف الطويل مع روسيا.

تعليق عبر الفيس بوك