حمود بن علي الحاتمي
alhatmihumood72@gmail.com
انطلقتْ قبل أيام الحملات الانتخابية لعضوية مجلس الشورى في مختلف المحافظات، وقد امتلأت ذاكرة هواتفنا بمنشُورات المترشَّحين ومقاطعهم الدعائية، مُتِّخذة عدة عنوانين؛ منها: "صوتك أمانة"، "الشورى نحن لا أنا"، "الرستاق تستحق الأفضل"، "انتخبوا التقي الورع"، "خير من يمثلك"، مُظهِرين بعضَ ما قدَّموه للمجتمع من مساعدات وخدمات، ومُذكرين بردِّ الدَّيْن في صندوق الانتخاب.
المرأة -ومن خلال مسيرة الشورى- لم تحظَ بقبولِ الناخبين إلا القليل منهن في محافظة مسقط. أما في باقي المحافظات، فلم تحظَ مُترشحة بالفوز بعضوية مجلس الشورى، مِمَّا حدا بالبعض للمطالبة بـ"كوتة" خاصة للمرأة.
وهُنا يُطرح تساؤل: لماذا لم تَنْجَح المرأة في الحصول على ثقة المجتمع؟ هل العادات والتقاليد؟ الجواب: لا، المرأة تعمل في جميع المجالات، جنبًا إلى جنب مع الرجل.
هل طُغيان الصَّوت الذكوري؟ الواقع: لا، هُنَاك تناسُب في عدد الذكور والإناث لصالح الإناث بحُكم التحاق نسبة عالية بالقطاعات العسكرية من الذكور، ولا يسمح لها بالتصويت.
هُنَاك أسبابٌ تحدُّ من ظُهُور صَوْت المرأة في المجلس تتعلق بشخصية المرأة، التي لا تُبادر إلى تقديم سيرتها بطريقة يتقبَّلها المجتمع، وخبرة الذكور في التواصل مع الناخبين.
كُنتُ قد سألتُ مترشحة سابقة في دورة سابقة لعضوية المجلس -الأستاذة شاكرة البوسعيدية- حول تجربة ترشُّح المرأة في الرستاق لعضوية مجلس الشورى؛ فقالت: المرأة العمانية لها دَوْر كبير في النهضة المباركة؛ فهي صنعتْ جيلًا مُتعلِّما، وأسهمت في بناء المجتمع بمختلف مواقع العمل الوطني، وتمتلك رُؤية واضحة لمختلف القضايا؛ بفضل التعليم والرعاية الكريمة من لدن جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم، والتمكين الذي حظيتْ به، وأثبتت جدارتها فيه؛ فأضحت الوزيرة والسفيرة ورئيسة تنفيذية بشركات كبرى تُسهم في عجلة الاقتصاد الوطني.
ومع ذلك، ينظرُ بعض أفراد المجتمع إلى المرأة نظرةً قاصرةً؛ فهم يرون أنَّ المترشحة لا تستطيع توصيل صَوتهم؛ جهلا منهم بقدراتها، هذا أحد الأسباب التي تُعِيق وصول المرأة إلى قبة مجلس الشورى، أيضا عدم ثقة المرأة في أختها المرأة، مُفضِّلة الرجل، ناهيك عن عُزوف الكثير من النساء عن التصويت بصورة عامة.
وكذلك ظاهرة القبليَّة في بعض الولايات، والاعتبارات الأخرى، والتي تحدُّ من وصول المرأة. وعن تجربتها، قالت: صحيح أنَّني لم أفُز، لكنني اكتسبتُ مهارة القيادة وفن التواصل مع المجتمع، أستطيع أن أسخِّر ذلك في قيادة جمعية المرأة العمانية بالولاية، التي أرأسها حاليا، ولها مُنجزات عديدة ولله الحمد.
أمَّا المترشحة للدورة الحالية الأستاذة ليلى الشقصية عن ولاية الرستاق، فسألتها: كيف ترين تجربة ترشح المرأة في ولاية الرستاق خلال السنوات السابقة؟ ولماذا لم تنجح؟ فكان ردُّها أن تجربة ترشح المرأة في ولاية الرستاق ضعيفة جدا، ومُحبِطة، مقارنة بالولايات الأخرى في السلطنة؛ فعلى الرغم من أنَّ مجلس الشورى قد أنشئ في العام 1991م، إلا أنَّ المرأة في ولاية الرستاق لم تخُض تجربة الترشح للانتخابات إلا في الفترة الثامنة بتمثيل امرأة واحدة فقط، ولم يُحالفها الحظ بالفوز بمِقعد من مَقاعد عضوية مجلس الشورى، وهذا دليلٌ على عُزُوف النساء في هذه الولاية عن الترشُّح، رغم الاهتمام الخاص الذي حظيتْ به المرأة في السلطنة من قبل الجهات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني؛ لدعمها لخوض هذه التجربة وتمكين المرأة سياسيا.
ويرجع هذا العزوف لأسباب عديدة؛ منها ما يتعلق بالاعتبارات المجتمعية؛ والمتمثلة في: طبيعة المجتمع القائم على القبلية، وتفضيل الرجل دائما نتيجة ما يتمتع به من هيمنة السلطة الذكورية، ونظرة المجتمع لها بأنها غير مُؤهَّلة لخوض هذا المعترك.
كَمَا أنَّ هُناك بعضَ الأسباب التي ترجع للمرأة ذاتها؛ والمتمثلة في نظرتها لنفسها، ومدى ثقتها بالكفاءات التي تتحلى بها، وقدرتها على منافسة الرجل في ظلِّ القبلية.
وأسباب عدم نَجَاحها قد يَرْجع إلى ضَعْف حملتها الانتخابية، وضعف ثقة المجتمع بها، وعدم وجود الدعم النسائي لها.
وسألتها: كيف يُمكن الاستفادة من تجارب المترشحات السابقات ممن خُضن تجربة الانتخابات؟ قالت: الاطلاع على الأُسس والخطوات التي اعتمدتْ عليها كلُّ مترشحة في حملتها الانتخابية. والمقومات القيادية والمهارة المعرفية التي تمتلكها وساعدتها في الوصول لقبة مجلس الشورى.
نقاط القوَّة التي اعتمدن عليها، ونقاط الضعف وكيف تغلبن عليها؟
وعن حظوظ المرأة بالرستاق بالفوز بمقعد من مقاعد عضوية مجلس الشورى للفترة التاسعة؟ قالت: سوف تحقق المرأة الفوز في حالة: وجود التكتل النسائي المساند لها، مع الإيمان بقدرتها على إيصال صوتها إلى الجهات المسؤولة، ووجود رغبة مجتمعية لتمثيل المرأة في المجلس واقتناع المجتمع بقدرتها على المشاركة الفاعلة في الحياة العامة. ووجود الحملة الانتخابية المنظمة التي تُظهر قدرة المرأة على منافسة الرجل، وتبنيها لهدف واضح لمسار حملتها الانتخابية. وإيمان المرأة بقدرتها على الفوز بما تمتلكه من كفاءات، وحب العطاء. وتغيير نظر الشباب لدور المرأة في المجتمع واقتناعه بقدرتها على خوض هذه التجربة.
عضوية مجلس الشورى تحتاج إلى الكفاءة بغضِّ النظر عن جنس المترشح، ومع ذلك مُؤمنون بضرورة وجود صوت للمرأة، ولعلَّ المجتمع العُماني اليوم واعٍ ومُدرك لدور المرأة، وزالت الأسباب التي يُعتقد أنَّها تُعِيق دخول المرأة عضوية مجلس الشورى، وكذلك من خلال عملي، وجدتُ أنَّ هناك التزامًا تامًّا للمرأة بعملها؛ فدعوة للناخبين بمساندتها متى ما وجدت فيها الكفاءة والقدرة على تفعيل أدوات المجلس، ووجود قيادات نسائية تجمع بين التجربة العملية الثرية والمستوى العلمي العالي والشخصية المؤثرة في مجتمعها، فأعتقد أنَّها تستحق أنْ تكون في قبة المجلس.