ذاكرة تنكية

 

حسن قنطار| سوريا

 

هل تعانون ما أعاني؟

عفواً ....

ليس لي أن أرشّ حفنةً من التحاليل على

تقاريرَ هرمة

لكنْ ...

باستطاعتي أن أشدّ جزءاً من أصابع تصوركم

إلى سرّة الحدث

حتى تراقصَ جسدَ الواقع ساخرةً

أو تعبثَ بمؤخرته راغبة.

***

 

هذا .. يا سادة

أنه، في ذات خلوةٍ حمراء

مع إحدى بنات الفكر العارية

عن كلّ شائبة أو شاحبة

لا أدري إن كانت مومساً، لكنها عارية

 

حدث أن تلفنا السماء بجُبتها،

ويتوشحَ القمرُ خماره الأحمرَ

 خجلاً من فعائلنا

أو رغبةً بفعائلنا

وتصهل القصائد بيننا

على عذريةٍ تارةً

أو على زوالها تارةً أخرى.

***

 

لا بأس ....

فما عاد للأوطان عذريةُ قط

وما عادتِ الدجاجةُ تبيض ذهباً

وانطفأت فيروزُ

ومات البلاط.

 

جُلُّ ما في الأمر:

نزَقٌ يعوي على قمم الإنسانية

وشتاتٌ يموء وراء لقمة

وفُتاتٌ يلهو هناك

تلاحقه أصابعُ الحروب.

***

 

في الأمس ... كأنّ

 أبي كان غاضباً

شاخت ذاكرتي اللعينة،

وهي لاتزال تتحسس أسبابَ غضبه

لكنني أدرك تماماً أو قليلاً

 أنّ العالم كلَّه كان غاضباً

كنّا نقتاتُ على عفوية الأجداد

ونتسكّع على حكايا الجدات

ونستسقي الله على طهارة الأمهات

ونوقظ الحال المخمورة بهمم الأصحاب

***

 

آااه ... تذكرت

تذكّرتُ أنّ بنطالي الذي ورثته عن أخي الأكبر

لم يعدْ يطيق صحبةَ فخذيَّ وأخواتهما

أجلْ .....

هو لايزال يضحك مذ هاجرته الأسنان

وأحياناً يبكي لمضايقة الجيران

ويْ ....

ما أطيب المكدوس لو كان حاضراً

لكنّ رجال الأمن باعوه

في السوق الحمراء السوداء الصفراء....

تباً ... مرةً ثانية

نامت ذاكرتي على أنفها المنفوخ.

***

 

المدرسةُ وأمي

الجدار المنقضّ وأخي

ولقمة الموت تطاردني

وزرّ العورة يهرب مني

وانكشاف هويتي

وانحطاط عشيرتي

ونهدان لعينان

ومستقبلٌ ابنُ كلبة يعضني

وحاضرٌ لعوبٌ يغتصبني

وماضٍ أخو ......

هل أعتذر لكم؟

ربما لا

ليس لأنّ الحالَ واحدةٌ

ولا لأنّ المصير يصفعنا معاً

ولا لأنّ البالَ ممهورٌ بنعلِ عاهرة

ولكنْ

لأن الذاكرة لم تعدْ شابّةً

 إنها حقاً تنكيّة.

تعليق عبر الفيس بوك