أكدت أن الرئيس الأمريكي يعامل حلفائه في القارة العجوز مثل "الأعداء"

"بلومبرج": أوروبا تضيق ذرعا من مطالب ترامب حول التجارة والأمن

ترجمة- رنا عبد الحكيم

قال تقرير لوكالة بلومبرج الإخبارية إنه خلال عامين ونصف العام في البيت الأبيض، تعامل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع حلفائه الأوروبيين مثل الأعداء، وتجاهل مناشداتهم بشأن التغير المناخي، وفرض رسوم جمركية، وهدد بمعاقبة محاولات الاتحاد الأوروبي للتغلب على عقوبات إيران.

ويرى التقرير أن هذا النهج العدائي قد ينتهي بتراكم تركة ترامب في أوروبا، متسائلا عما إذا كان سينجح في الفوز بولاية رئاسية ثانية أم لا. زبينما يعمل ترامب في حملته لإعادة انتخابه في 2020 لا تنتظر معظم الدول الأوروبية نتيجة الانتخابات. فقد استيقظت الحكومات الآن على حقيقة اعتمادهم على الولايات المتحدة في أعقاب الحرب العالمية الثانية وحتى الآن.

واردات السيارات

وأوضح التقرير أن أخطر تهديد يمكن أن يبعد أوروبا عن الولايات المتحدة هو نظر ترامب في الرسوم الجمركية على واردات السيارات الأوروبية لأسباب تتعلق بالأمن القومي، فقد أجلت إدارته القرار النهائي في هذا الأمر حتى نوفمبر. وظلت قيمة المركبات المصدرة إلى الولايات المتحدة ثابتة عند حوالي 50 مليار دولار لعدة سنوات، لكن نصيبها من الصادرات انخفض إلى أدنى مستوى منذ عام 2009. وفي الوقت نفسه، ارتفعت حصة الصين بشكل كبير.

وبالنظر إلى شركات صناعة السيارات الألمانية الكبرى، حلّت الصين بالفعل محل الولايات المتحدة كأكبر سوق أجنبي لكل منها، وكان آخرها لصالح شركة دايملر المالكة لمرسيدس في عام 2017.

وقالت مجموعة بكين للسيارات التي تدعمها الدولة في يوليو إنها تشتري حصة 5% في دايملر، بعد عام من حصول مجموعة جيلي على حصة 10% تقريبًا، لتصبح أكبر مساهم منفرد في صناعة السيارات الفاخرة.

مبيعات التكنولوجيا

بينما تتصارع الولايات المتحدة مع الصين في التجارة والتكنولوجيا، تحاول أوروبا ألا تقف في اتجاه محدد، فالحكومة الألمانية من بين الذين لا يستجيبون لدعوات الولايات المتحدة للتخلي عن شركة هواوي لأسباب أمنية. ولا يزال وادي السيليكون عاصمة الابتكار التكنولوجي في أمريكا، لكن أوروبا استثمرت بكثافة لتنمية قطاع التكنولوجيا الخاص بها، ومنذ العام الماضي، أصبحت تعتمد رسمياً على الواردات والصادرات الصينية أكثر من الولايات المتحدة.

تكاليف الدفاع

واحدة من وسائل الضغط المعتادة لترامب على الحلفاء الأوروبيين، وعلى وجه الخصوص ألمانيا، تتعلق بتكاليف الدفاع المنخفضة، وهذا يعني أن الولايات المتحدة تتحمل عبء حماية القارة العجوز. وتساءل ترامب عن إسهام أوروبا في حلف شمال الاطلسي "ناتو"، في وقت انسحبت فيه الولايات المتحدة من معاهدة نووية مع روسيا دون التشاور مع الحلفاء في أوروبا، وبحثت واشنطن فرض رسوم على البلدان مقابل امتياز استضافة القوات الأمريكية على أراضيها. فلدى الولايات المتحدة 246 قاعدة في جميع أنحاء أوروبا، أو ما يقرب من نصف إجماليها الأجنبي، وأكثر من 64000 جندي، في المرتبة الثانية بعد آسيا. في حين أن أي حديث دفاعي في مجموعة السبع قد يحرض ترامب ضد نظرائه الألمان والفرنسيين، فمن المحتمل أن ينفصل رئيس وزراء المملكة المتحدة بوريس جونسون- "ترامب بريطانيا" كما اسماه الرئيس ترامب نفسه- عن أوروبا ويصطف إلى جانب أمريكا. فبعد الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي يأمل جونسون إبرام صفقة تجارية مع الولايات المتحدة.

قطاع الطاقة

واتهم ترامب ألمانيا بأنها "أسيرة لروسيا" بسبب خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" المقرر افتتاحه نهاية العام الجاري 2019، وحذرت الإدارة الأمريكية بأنها من الممكن أن "تعاقب" المشروع. وعندما يتعلق الأمر بالحفاظ على الهيمنة، فإن أكبر خمس اقتصادات في أوروبا جمعت واردات صافية من الوقود المعدني والزيوت بأكثر من 150 مليار دولار خلال السنوات الـ14 الماضية. وفي عام 2018، استورد أوروبا ما قيمته 18.4 مليار دولار من الوقود من الولايات المتحدة، أو 5% من اجتياجاتها، وهو رقم قياسي على الإطلاق. وعلى الرغم من أن حصة روسيا أكبر بكثير من الولايات المتحدة، فإن اعتماد البلدان الأوروبية على جارتها الشرقية (روسيا) قد تضاءل. وهذا يمنح الولايات المتحدة نفوذاً متزايدًا في مجال تجاري رئيسي، وقد يساعد ترامب في بيع المزيد من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا.

الزراعة

أما النقطة الرئيسية العالقة دائما في المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فتتمثل في مطالبة ترامب بأن تفتح أوروبا قطاعها الزراعي المحمي بقوة. وحتى الآن، يصر الاتحاد الأوروبي على أن الزراعة غير مطروحة للتفاوض. لكن الولايات المتحدة قد يكون لها نفوذ حقيقي، بالنظر إلى أنها زادت نصيبها من الصادرات الزراعية الأوروبية في كل من السنوات الخمس الماضية؛ حيث أنفقت أكثر من 79 مليار دولار لشراء منتجات زراعية أوروبية. ويمكن أن يكشف ذلك عن صدع أوروبي، لأن ألمانيا، التي ترسل 2.7% من صادراتها من المواد الغذائية والمشروبات إلى الولايات المتحدة، توافق على مناقشة الصادرات الزراعة، بينما تعارض فرنسا الأكثر اعتماداً على الولايات المتحدة بشدة.

وضاعفت أوروبا الجهود المبذولة للتحرر من الهيمنة الأمريكية لسنوات، دون نجاح يذكر. لكن تلك الجهود أكثر خطورة في مواجهة ترامب بصورة متكررة. ووضعت المفوضية الأوروبية المنتهية ولايتها، آلية لإيجاد طرق للتفاوض مع إيران في تحد للولايات المتحدة، وشرعت في خطط لتعزيز دور اليورو في عالم لا يزال الدولار يسيطر عليه. وكما هو الحال في مجالات السياسة الأخرى، فإن أوروبا ليست موحدة على الإطلاق؛ إذ من المرجح أن تحاول كل من إيطاليا والولايات المتحدة تعزيز العلاقات بدلاً من إضعافها.

تعليق عبر الفيس بوك