التخمة العقارية وبطء النمو السكاني

 

فايزة سويلم الكلبانية

يواجه السوق العقاري تحديا كبيرا بسبب حالة الركود التي بدأت قبل سنوات، وفي المقابل يتزايد المعروض العقاري من الشقق والمنازل (الفيلات) على الرغم من عدم نمو الطلب، لأسباب عدة؛ منها بطء النمو السكاني في ظل استمرار الدخول الضعيفة أو ثباتها منذ أن تراجعت أسعار النفط لمستويات متدنية وأثر ذلك بالسلب على رواتب موظفي الدولة والعاملين في القطاع الخاص كذلك، فضلا عن أصحاب وصاحبات الأعمال باختلاف حجم مشروعاتهم.

هذا الركود في ظل ثنائية زيادة المعروض وتراجع الطلب، على العقارات، يقود هذا القطاع المهم إلى احتمالية ظهور "فقاعات عقارية"، فمع ارتفاع تكلفة البناء والتشطيب يرفع المالك سعر الوحدة العقارية سواء بيعا أو إيجارا، فترتفع الأسعار في السوق دون سند حقيقي، إذ لا طلب فعلي من الراغبين في الشراء أو الإيجار، والنتيجة ستكون- لا قدر الله- تراجعا حادا في أسعار العقارات، وربما أيضا في هذه الحالة لن تجد هذه العقارات من يقطنها!!

إذن هل يقف القطاع الخاص وملاك العقارات مكتوفي الأيدي وهم يشاهدون استثماراتهم العقارية تتهاوى أمام ناظريهم؟! أم يرفعون مقترحات للجهات المعنية من أجل بلورة حلول عملية تنتشل القطاع العقاري من كبوته التي طالت؟!

الحل المقترح من قبل البعض أنه بات من الضروري التخفيف من قيود التمويل العقاري، وأن تتوسع المؤسسات التمويلية والإقراضية في مسألة منح القروض العقارية بأسعار فائدة منخفضة، مع إمكانية تقسيط مختلف ما يتعلق بتأثيث المنزل، مثل الأطقم الصحية والدهانات والأصباغ والأثاث المنزلي والغرف وغيرها...

أحد أسباب الركود أيضا أن أعدادا كبيرة من الوافدين غادرت السلطنة بالفعل في ظل الجهود الحكومية المقدرة لتوفير فرص العمل لشباب الوطن، والتوسع في عمليات إحلال الوافدين بالمواطنين، لكن ثمة فرصة حقيقية لوقف نزيف الخسائر لدى ملاك العقارات، من خلال السماح للوافدين بشراء العقارات وفق ضوابط تراعي معايير الأمن الاجتماعي والاقتصادي، هنا ستتولد فرصة للتخفيف على ملاك العقارات ومن ثم يجدون من يشتري الآلاف من الوحدات العقارية الخالية في الولايات وفي العاصمة مسقط على وجه الخصوص، ونكون بذلك حققنا عدة نقاط إيجابية، منها إبقاء أكبر قدر ممكن من العملة المحلية داخل السلطنة من خلال إعادة ضخها في المنظومة الاقتصادية الوطنية، وكذلك أحدثنا فرجة في الركود العقاري القائم.

إنّ الحلول غير التقليدية قادرة على إحداث الفارق في العديد من القطاعات، وغالبا ما تصطدم هذه الأفكار في بدايتها باعتراضات من مختلف الأطراف، لكنها سرعان ما تثبت نجاحها ونافذيتها، فعندما تقرر عدم السماح للوافدين بالعمل في مجال السمسرة العقارية ظنّ البعض أنّ ذلك سيكون صعبا بل مستحيلا في بعض الأحيان، لكن الواقع أثبت أنّ القرار كان صائبا والآن نحصد ثمار ما تم اتخاذه من قرارات صائبة، ونأمل مزيدا من القرارات التي تصب في صالح المواطن والوطن بشكل عام.