في ظل الحرب التجارية المتصاعدة بين بكين وواشنطن

"فايننشال تايمز": الصين لن تجرؤ على التلويح بورقة سندات الخزانة الأمريكية

ترجمة- رنا عبد الحكيم

توقعت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية أن الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة ستتحول إلى حرب عملات خلال الفترة المقبلة.

وقال الكاتب جون بليندر- في مقالة له بالصحيفة- إنه مع تصاعد المناوشات بين الولايات المتحدة والصين، وتراجع اليوان (الرنمينبي) مقابل الدولار، فإن ثمة خطر متزايد من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد ينخرط في حرب عملات. إذ يتزايد القلق في الأسواق من أن الإدارة الأمريكية يمكن أن تتدخل مباشرة لإضعاف الدولار. وفي حين أن الين واليورو والجنيه الإسترليني تمثل جميعها أهدافا محتملة، فإن الاحتمالية الأكبر لعدم الاستقرار المالي العالمي يتعلق بالولايات المتحدة والصين.

وفي عبارة لافتة للنظر، وصف بول فولكر الرئيس السابق لبنك الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأمريكي)، ذات مرة العلاقات المالية الوثيقة بين الولايات المتحدة والصين بأنها "احتضانًا قاتلًا". وتشمل هذه العلاقات حقيقة أن الصين تمتلك أكثر من تريليون دولار من سندات الخزانة الأمريكية. وعلى خلفية الاحتكاك التجاري الهش بين البلدين، فإن السيناريو الكابوس يتمثل في تسليح احتياطيات النقد الأجنبي الصينية الرسمية ضد الولايات المتحدة.

وخلال الأشهر الثلاثة حتى نهاية مايو، تم تخفيض حيازات الصين من سندات الدين الحكومية الأمريكية بمقدار 20.7 مليار دولار لتصل إلى 1.1 تريليون دولار. ولا تزال الصين تملك أكبر حصة أجنبية في سوق الخزانة الأمريكية، على الرغم من تقلصه بمقدار 81 مليار دولار منذ يونيو 2018. لكن على المدى الطويل، انخفضت ملكية الصين لسندات الخزانة الأمريكية المتميزة من ذروة بلغت 14% في عام 2011 إلى 7% حسب آخر إحصاء. ومن الواضح أن استعداد بكين لتمويل العجز المالي المتزايد للولايات المتحدة آخذ في التراجع.

وثمة مخاوف من أن الصين قد تستخدم النفوذ المالي للتأثير على السياسة الأمريكية لدعم سياسات بكين. وفي عام 2011، جادل دينج جانج كبير المحررين في صحيفة الشعب الصينية، في مقال افتتاحي بأن على بكين أن تستخدم نفوذها المالي لتلقين الولايات المتحدة درسًا، للرد على مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى تايوان. ومع ذلك، لم تلتفت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إلى هذا التهديد. وفي تقرير نشر عام 2012، قالت الوزارة إن التهديد لم يكن ذا مصداقية لأن استخدام سندات الخزانة كأداة قسرية سيكون له تأثير محدود وسيضر بالصين أكثر من الولايات المتحدة.

وكان البنتاجون يرى أن الصين لم تستطع التخلص من سندات الخزانة دون زيادة العوائد (وبالتالي تقليل قيم رأس المال)، مما أدى إلى خسائر كبيرة في ممتلكاتها. وإذا تمت إعادة الأرباح إلى الوطن، فستتضاعف الخسائر بسبب ارتفاع قيمة الرنمينبي وانخفاض الدولار.

وفي الوقت الحالي، انخفضت عائدات سندات الخزانة الأمريكية بالفعل، بينما كانت بكين تبيع ما تملكه. ويشير هذا إلى أن مجموعة المدخرات المحلية والأجنبية التي تدعم ما يعتبر أنه أكثر مجموعة من الأصول أمانًا في العالم، تعد كبيرة للغاية لدرجة أن سحب الاستثمارات الصينية ليس أكثر من مجرد فرقعة إعلامية.

وهناك تحذيرات فيما يخص أي تحليل لتدفقات رأس المال الصيني؛ حيث لا تتضمن بيانات رأس المال الدولية الصادرة عن وزارة الخزانة الأمريكية جميع التغييرات في محفظة الاحتياطيات الرسمية للصين. ويمكن نقل الحيازات إلى حسابات أخرى في لوكسمبورج أو بلجيكا. ومن الممكن، أيضًا، أن تحاول بكين تعزيز عائد احتياطاتها عن طريق التحول إلى الأصول الدولارية الأخرى ذات العوائد المرتفعة.

لكن السؤال الذي يفرض نفسه: هو كيف ترى قيادة الحزب الشيوعي في بكين مصالحها، خاصة في هذه المرحلة الصعبة من المفاوضات التجارية مع ترامب؟

الإجابة اليقينية الوحيدة هي أن أي قرار مفاجئ ببيع حيازات الخزينة الصينية من شأنه أن يؤدي إلى تقلب شديد في الأسواق العالمية. لذلك من الضروري ملاحظة أن القادة الصينيين يخشون عدم الاستقرار قبل كل شيء.

تعليق عبر الفيس بوك