لم يقطع الحزن طراوة عينيها


نادية عبد الهادي | القاهرة

ما أنا إلا خمسين رغيفا
كلها ملسوعة الحواف
نسيتنى  أمي منذ  أن خبزني أبي على بطنها
كانت حرارة لحمه تتخطي المئة درجة
وأمي ساكنة كالنهر
يغرف أبي كل يوم منها بالمساء
وفي الظهيرة يرص أبي ماعجنته يداه على فراشه المتعرق
وأنا إحدى أرغفته السمراء  
إذا أصبت بالبرد أتصبب عرق القيظ الأسمر
ظللت هكذا يضعوني عارية أسفل رمض النهار حتى احترقت

اشتراني  بائع ثلج يهوى الجليد
يكره حرارة رغيفي
وضعني في علبة خشبيه أسفل رأسه البارد
النساء بتهامسون ويتضاحكون بالعيون
حين يرون بسمتي على وجنتي تعانق شفتاي
وتهتز سوسنتاي اللتين تقفان على عرش صدري في  كبرياء
وخصري الذي يتمايل كلما تهادت خطواتي أمامهن
أسمعهن يتخابثن ويقلن عني:
أرملة تضحك
ولم يقطع الحزن طراوة عينيها
لم يعبس البكاء بوجنتيها
تبا لها
 تريد أن تكيدنا
نحن اسكتنا الضحك في حقيبة الخجل
ونتفنا كل ماعلانا من  ليونة حواء
نسينا الفرح وتناسينا أننا كنا ضحكات طازجة
وهي ترسم جفونها بكحل يعبث بالقلوب
وترتدي طرحة خضراء تمنحها لحن الشجر
ألا تستحي،،!!
لا تعرف كيف ترسم الحزن على المرآة
وتخنق الابتسام وتعلن رايات الحداد
لكل الرجال
أين عفة السواد
أين  حمرة الخجل  على ثوبها المترمل

وحين يعلو صوت  طقطقة عظامي
يخرجني لدقائق أستريح على وسادة تعيش في الظل
رغيفى كاد يتكسر ويتناثر أسفل جسد الجليد
أدنو من رائحة الخبز المندفعة في الحلم
أحضنها لتدفيء  أنفاسي اللاهثه حتى تهدأ
وأرسم على الشجرة رغيفي
حتى يصبح ذكرى شهيد الجليد.

 

تعليق عبر الفيس بوك