في أول أطروحة لنيل الدكتوراه تتناول مستقبل المنطقة الاقتصادية الواعدة

الدوحاني: دور محوري لـ"اقتصادية الدقم" في تحقيق الرؤية المستقبلية للتنمية

...
...

 

 

  • إجماع من عينة الدراسة على أهمية الدقم في التنويع الاقتصادي وتوفير فرص العمل

 

 

الرؤية – نجلاء عبدالعال

أعدَّ الباحث حاتم بن سالم بن سليمان الدوحاني أطروحة لنيل درجة الدكتوراه تحت عنوان: "دور المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدُقُم في تحقيق الرؤية المستقبلية للتنمية في السلطنة"، رصد خلالها آراء عينة مُمثلة للمجتمع حول عدد من النقاط، بهدف الوقوف على الدور المتوقع للمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدُقُم في تحقيق الرؤية المستقبلية للتنمية في السلطنة، من خلال تحديد أهداف الرؤية المستقبلية للتنمية ومرتكزاتها وفق الوارد في رؤية السلطنة 2040 حول المستقبل الاقتصادي للبلاد، فضلاً عن دراسة العوامل التي تساعد على إنجاح أنشطة المنطقة الاقتصادية، والآثار المنعكسة على الاقتصاد الوطني بوجه عام، وأوضاع المنطقة التي تحتضن المشروع بوجه خاص.

وعن الأطروحة، قال الدوحاني لـ"الرؤية" إنَّ التنمية في أي مُجتمع تأتي انعكاساً لتنفيذ الخطط والبرامج الهادفة إلى تنويع مصادر الدخل القومي، وزيادة الإنتاجية، ومن ثم تحسين الظروف المعيشية للأفراد، فضلاً عن المتغيرات المتعلقة بقيم العمل وتقدير الوقت وطبيعة المنظومة الاجتماعية التابعة لتغير مصادر الإنتاج، ومن هنا فقد وضعت تساؤلات الدراسة لتشمل مَدى تَقبُّل المواطنين - وأهالي المنطقة خاصة – لإقامة المنطقة الصناعية بالدُقُم، وهل اختيار المنطقة الصناعية بالدُقُم كان مناسباً من حيث الامتداد البحري والبري والقرب من الأسواق الرئيسة، بالإضافة إلى ما إذا كانت المنطقة الصناعية بالدُقُم تؤثر على الاقتصاد المحلي للسلطنة، وتطور القطاعات الاقتصادية، وأثرها على مسيرة التكامل الاقتصادي الخليجي، وضمن التساؤلات أيضاً هل تسعى المنطقة إلى دعم المشاريع البحثية والاستفادة من نتائج الأبحاث العلمية في تحقيق الرؤية المستقبلية للسلطنة، وهل من المتوقع أن تحقق المنطقة الصناعية بالدُقُم نقلة اجتماعية لأبناء السلطنة عامة ومحافظة الوسطى خاصة، وهل سينعكس ذلك على نمط المعيشة وقيم التعامل وتقدير الوقت واقتصاد المعرفة، وما إذا كانت المنطقة الاقتصادية بالدُقُم ستدعم المشاريع السياحية والأنشطة الثقافية والترويحية لإبراز دور السلطنة لدى العالم الخارجي، بالإضافة إلى تساؤل حول مدى توقع أن تعمل المنطقة الاقتصادية بالدُقُم على المحافظة على البيئة البحرية والبرية والاستفادة القصوى من الموارد الطبيعية والمحافظة عليها واستثمارها بشكل صحيح.

وعن دوافع إجراء الدراسة، قال الدوحاني: نظراً لما خُصص لمشاريع المنطقة من مساحة كبيرة من الأراضي بلغت 2000 كم مما يجعلها قادرة على استيعاب المشاريع القائمة والمشاريع المستقبلية إضافة إلى الاهتمام الرسمي من السلطنة بإقامة هذه المنطقة بموجب المرسوم السلطاني السامي رقم 2011/119 وتشكيل هيئة عليا للإشراف على إدارة المنطقة الاقتصادية، والعمل الجاد لجذب الاستثمارات الأجنبية بعد توفير كافة التسهيلات، ومن ثم تتضح مبررات هذه الدراسة لمعرفة دور المنطقة الصناعية الخاصة بالدُقُم في تحقيق الرؤية المستقبلية للتنمية في سلطنة عُمَان.

وأوضح الدوحاني أن أهمية الدراسة تتحدد بالجهات المستفيدة منها، سواء تعلق ذلك بتحديد مدى انعكاس هذه المنطقة وبرنامجها الاقتصادي على سلطنة عُمَان بوجه عام؛ أو على محافظة الوسطى بوجه خاص، فضلاً عمَّا ستحققه من تنمية بشرية تسهم في المستقبل الاقتصادي للبلاد، حيث جاءت المنطقة ضمن المحاور الرئيسية لنجاح استراتيجية سلطنة عُمَان اللوجستية لعام 2040.

وكشف الباحث عدداً من نتائج الدراسة من خلال آراء العينة، ومنها ارتفاع المستوى الثقافي والمعرفي للمواطنين وبخاصة في منطقة محافظة الوسطى من خلال المنظومة التعليمية المتميزة، حيث أدى إلى زيادة الوعي لدى المواطنين وإدراكهم لأهمية مثل هذه المشرعات العملاقة، ودورها في تحقيق الرفاهية والرخاء عليهم وعلى وطنهم، الأمر الذي أسهم في تقبلهم لإقامة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم.

وحول دوافع اختيار المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدُقُم موضوعا للدراسة، قال الدوحاني إنَّ عينة الدراسة تكاد تُجمِع على أن المنطقة تمثل موقعاً استراتيجيا على السواحل العمانية، لقربها من الأسواق الرئيسية، وكذلك أيضاً لامتدادها البحري وعمقها البري، كما أنه نقطة اتصال بين الموانئ العمانية فضلاً عن تميزه بالعديد من الإمكانات الطبيعية والعديد من الموارد.

 

وحول أثر المنطقة على الاقتصاد المحلي للسلطنة، ومسيرة التكامل الاقتصادي الخليجي اتفقت استجابات عينة الدراسة مع الرؤية العامة التي أشار إليها وتبناها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه – من خلال الاهتمام الرسمي من السلطنة بإقامة هذه المنطقة بموجب المرسوم السلطاني السامي رقم 2011/119 وتشكيل هيئة عُليا للإشراف على إدارتها، حيث اتفقت العينة على أنَّ إنشاء المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم يُعد من المشاريع التنموية الكبرى في السلطنة، وأنها يمكن أن تساهم في تنوع وزيادة الدخل القومي عن طريق التوسع في الاستثمار وجذب رؤوس الأموال الأجنبية وتحقيق التنافسية العالمية، فضلاً عن أنها تحقق نقلة نوعية في مجال التجارة العالمية والنقل البحري، من خلال ما ستحققه من الارتقاء بصناعة النفط وتكريره وإنشاء الصناعات البترولية، وزيادة مجالات الطاقة المتجدّدة والإدارة الرشيدة والمستدامة للموارد، لأنها ستفسح المجال لإقامة مشاريع خليجية مشتركة مثل تكرير وتخزين النفط لمواجهة الأخطار والتحديات.

وأظهرت الدراسة اتفاقاً كبيراً بين أفراد العينة على أن منطقة الدقم الاقتصادية تسعى للاستفادة من نتائج الأبحاث العلمية في تحقيق الرؤية المستقبلية للتنمية داخل السلطنة، وأنها تعمل على جذب الباحثين وتمويلهم للاستفادة من نتائج أبحاثهم، كما أنها تعزز الشراكة مع القطاع الخاص وخاصة الجامعات ومراكز الأبحاث العالمية داخلياً وخارجياً، فضلاً عن دعمها للاستثمار في البحث العلمي، مما يُشير بجلاء إلى دعم المنطقة لهذا الجانب –البحثي والمعرفي – وأنها تسعى إلى دعم المشاريع البحثية والاستفادة من نتائج الأبحاث العلمية مما يُسهم بشكل كبير في دعم الرؤية المستقبلية للتنمية في السلطنة. ومن ناحية أخرى أجمعت عينة الدراسة على أن المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم تسهم بشكل فعال في توفير وتوليد فرص عمل متعددة، كما أنها تساعد في تأهيل الشباب العماني من خلال التدريب للانخراط في مشاريعها، كذلك توفر فرصة لنقل التكنولوجيا وتنمية القدرة على إدارة المشاريع، فضلاً عن مساهمتها في إرساء قيم جديدة تتعلق بالإنتاج وتقدير الوقت، وتؤمن الموارد للارتقاء بالخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية، كما تهيئ فرصاً للابتكار والإبداع والتميز وخلق أجواء المنافسة في السلطنة، بالإضافة إلى تشجيعها على ربط برامج التعليم باحتياجات سوق العمل. الأمر الذي يُسهم مساهمة فعَّالة في دعم الرؤية المستقبلية للتنمية في سلطنة عمان.

وأشار الدوحاني إلى أنَّ استجابات عينة الدراسة أجمعت على أن المشاريع السياحية والندوات الثقافية والمؤتمرات العلمية التي تقدمها منطقة الدقم الاقتصادية وكذلك المرافق الثقافية والترويحية والرياضية، تفسح المجال لإبراز الهوية العمانية والتعريف بها، كما أنها توفر فرصة الانفتاح وقبول الآخر، لأنها نقطة جذب سياحي له مردود اقتصادي نهضوي في مختلف المجالات الفنية والرياضة والثقافية. الأمر الذي يسهم بشكل كبير في دعم الرؤية المستقبلية للتنمية في سلطنة عُمان.

واتفقت آراء عينة الدراسة على أهمية سعي المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم لاستغلال الموارد الطبيعية بما يكفل المحافظة عليها وإدامتها، مع مُراعاة التوازن بين العائد الاستثماري والمحافظة على التوازن البيئي، حيث تتخذ داخل المنطقة جميع التدابير المناسبة لمعالجة التلوث الذي يؤثر على سلامة البيئة، كما أنها تحافظ على سلامة البيئة البحرية وتخصص أماكن للمحميات البحرية، وتوفر الآليات والأنظمة المناسبة لمراقبة سلامة البيئة، كما أنها تخصص مساحات خضراء من الحدائق وزراعة الأشجار لتوفير بيئة آمنة، فضلاً عن سعيها لتفعيل التوسع العمراني لمدينة الدقم الحديثة وكذلك حماية البيئة في المنطقة، وهو ما يؤكد دور المنطقة الصناعية الخاصة بالدقم في تحقيق الرؤية المستقبلية لسلطنة عُمان بما تتضمنه من نقاط هامة لها تأثيرها المباشر - ليس على الاقتصاد فحسب- وإنما أيضاً على البيئة، ومن ثم على حياة المواطنين ورفاهيتهم.

وأضاف الدوحاني أنَّ دراسته تعد دراسة تنبؤية، حيث تقدم للقائمين على المنطقة الاقتصادية خلاصة آراء النُخَب من المجتمع العُماني لتشكل استرشاداً لهم وخاصة في مجال التنمية الشاملة، حيث إن التخطيط التنموي في سلطنة عُمان منذ تسلم جلالة السلطان قابوس المعظم مقاليد الحكم كان مستمراً وقد ساهمت الخطط الخمسية في دفع عملية التنمية. إلا أن التوجه نحو الرؤية الشاملة للتنمية الاقتصادية انطلق منذ عام 1996 – 2020 وكان خلال هذه الفترة عدد من الخطط الخمسية استمرارا للخطط السابقة، وهنا لابد من الإشارة إلى أن الدراسة طرحت الرؤية الشاملة لمستقبل التنمية في عُمان في كافة جوانب الحياة، ولم تقتصر على الناحية الاقتصادية فقط.

وأشار الباحث إلى أنَّ الدراسة توصي بأن تشكل نتائجها إضاءات في مسيرة أنشطة وفعاليات ومشاريع المنطقة الاقتصادية، حيث تزامنت الدراسة مع انطلاق مشاريع المنطقة الاقتصادية الخاصة، سواء تلك التي تم الشروع بها، أو التي يجرى التخطيط لها. وبالتالي يصعب قياس أثر المنطقة الاقتصادية الخاصة قبل اكتمال المشاريع وبروز الناتج منها، وانعكاس ذلك على أبعاد التنمية الشاملة، ولذلك تشكل الدراسة مدخلاً لقيام العديد من الدراسات في كل بعد من أبعاد التنمية، للوقوف على مؤشرات الأداء وقياسه مع سقف التوقعات، فضلاً عن إمكانية إجراء دراسات بحثية على مدى تقدم بعض القطاعات في مواجهة مشكلة البطالة والتدريب وتوجيه برامج الدراسات الجامعية لمتطلبات سوق العمل.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة