الرجل الذي فقد ظله في عينيّ


رشيدة المراسي | تونس

(1)
شيّعت كل التوابيت
إلى مثواها الأخير
وختمت على الذاكرة
بالشمع الأحمر
رتّلت أجمل الأهازيج
على روح خيال الشابي
ونداء لوركا الأخير
ثمّ جلستُ على حافة البلاد
أعدّ ما تبقّى
من أسماء الشجر
والأصداف التي انتحرت
على ضفاف الشاطئ
و تركت بيوتها
لعابري السبيلَ.

(2)
 الرجل الذي فقد ظله في عينيّ
نجا من رصاصة طائشة بأعجوبة
كنت أحارب معه في الشوارع
كرئيسة عصابة ماهرة
وهو يهرب من حارة إلى أخرى
حملت معه نعش أمّه
إلى مثواها قبل الأخير
ربطت ضماد ساق والده
حين تعثّر بالمقبرة
عبرت به الحواجز أكثر من مرة
دون أن يخضع للتفتيش الدقيق
رشوت لأجله عميد الركن النائم
خلف كيس التراب
لأسقط عنه جناية
الهروب من الخدمة الجبرية
وعند حدود قريته
سارعتُ لاختطاف آخر رصاصة
بيد العدوّ
كادت تخترق صدر طفلته
حينها فقط،
فقد ذلك الرجل ظله في عينيّ
إلى الأبد.

 

تعليق عبر الفيس بوك