في مرمى هوليوود! (1/2)



محمد بن رضا اللواتي


هل أطفال العالم حقا في مرمى هوليوود؟!
يُثار هذا السؤال هذه الأيام وتتداوله الأوساط التربوية والثقافية نظرا لأن "والت ديزني" قد أعلنت مؤخرا أنّ النسخة الثانية من فيلمها من نوع الرسوم المتحركة وعنوانه "Frozen " والموجه للأطفال سوف يقدم فيه بطلته بصفتها مُحبة للمثلية! وقد كانت النسخة الأولى من هذا الفيلم قد حصدت 1.072 مليار دولار لتكون على رأس قائمة أفلام الرسوم المتحركة للأطفال الأكثر حصدا للأرباح في العالم.
لقد هيمن تأثير الفيلم على أطفال العالم شرقا وغربا حتى بات عدد هائل منهم يقتنون دُمى لشخصياتها، وها هم يستعدون لتلقي صعقة أخلاقية إذ أنّ محبوبتهم بطلة الفيلم في النسخة الأولى تعود إليهم وهي متعلقة جنسيا بمثيلتها!
بحُجة دعم هذه الفئة من المجتمع، لم تتوان "ديزني" من أن تصمم فيلما يصور الزواج المثلي حقا من الحقوق.. لم تتوان إمبراطورية الصوت والصورة الكُبرى عن تكريس هذا المفهوم حتى بين الأطفال!
ولكن ما الذي يدعوها إلى اختيار عالم الطفولة البريء تحديدًا لتبث فيه هذا اللون السيء من الأفكار؟
وإلا فإنّ أخوات "والت ديزني" بنات هوليوود الأخرى بثت في العديد من الحلقات من مجموعة "الفتاة الخارقة" مفهوم الزواج المثلي وقدمته لذوي السن 12 ، ولكن يبدو أنّ ذلك لم يكن كافيا، وعلى الأطفال في الأعمار 5 أيضا أن يتعرفوا على اللون من الشذوذ باعتباره حقا طبيعيا في بلد يمتهن الحُريات، في الوقت الذي تعمل آلته الحربية على قمعها ولو بإحراق الحرث والنسل.
ولنعد إلى السؤال السابق: لماذا هذا الإصرار على إقحام هذا الشذوذ في الفكر الطفولي البريء؟
ربما استدعى البحث عن الجواب معرفة ما هوليوود، ومن يملكها، وما أهدافها وما مصادر قوتها.
ولحُسن الحظ، فإنّ العدد 11 من مجلة "الاستغراب" كان قد سبق إعلان "والت ديزني" السيء ذاك إذ خصص للتحقيق في "إمبراطورية الصوت والصورة والصدى" وتضمن مجموعة من البحوث القيّمة التي تستطيع أن تجيب عن أسئلتنا تلك.
ففي بحث للكاتب "حيدر محمد الكعبي" بعنوان "إمبريالية الفن السابع، مجتمعنا في مرمى هوليوود" قدم تحقيقا يوضح لنا أنّ هوليوود تتألف من مجموعة من كُبرى شركات صناعة الأفلام في العالم، كل واحدة منها إمبراطورية من النفوذ بحد ذاتها، جميعها مملوكة من قبل "اللوبي اليهودي".
فلقد نقل الباحث المشار إليه عن الدكتور "فؤاد بن سيد الرفاعي" في كتابه "النفوذ اليهودي في الأجهزة الإعلامية والمؤسسات الدولية" قوله أنّ اليهود يسيطرون "سيطرة تامة على شركات الإنتاج السينمائي"، فشركة "فوكس" يمتلكها اليهودي "وليام فوكس"، وشركة "غولدين" يمتلكها اليهودي "صموئيل غولدين" وشركة "ميترو" يمتلكها اليهودي "لويس ماير" وشركة "الأخوان وارنر" يمتلكها اليهودي "هارني وارنر" وإخوانه، وشركة "برامونت" يمتلكها اليهودي "هودكنسون"، و"أمريكا أون لاين" هي في قبضة اليهودي "جيرالد ليفين"، و"فياكوم" هي لليهودي "سومنر ريدستون"، و"يونيفرسال استديوز" لليهودي "ادغار برونفمان"، ومجموعة شركات "فوكس" لليهودي "روبرت مردوخ"، وهذا الأخير بحسب بحث "أحمد عبد الحليم عطية" بعنوان "الميديا متلاعبا بالعقول" ملقب "بملك الميديا" نظرا لامتلاكه لشبكة من الفضائيات والإذاعات وكبريات الصحف والمجلات التي تؤثر في الرأي العام وتشكله حتى في البلدان الأوروبية؛ وتحديدا إنجلترا.
ولعلّ أبلغ ما قيل في وصف السيطرة الصهيونية في مجال صناعة السينما الأمريكية ما ساقه "الكعبي" عن مقال نشرته صحيفة "الأخبار المسيحية الحرة" قالت فيه بأنّ صناعة السينما في أمريكا "يهودية بالمرة، يتحكم اليهود فيها دون أن ينازعهم أحد، ويطردون منها كل من لا ينتمي إليهم أو لا يصانعهم. لقد أصبحت "هوليوود" بسببهم بؤرة تُنحر فيها الفضيلة وتُنشر الرذيلة".
ما يؤكد هذا التقرير الذي نشرته الصحيفة تلك، دراسة "ألفرد ليلينتال" بعوان "الاتصال اليهودي" حيث جاء فيه كما ينقل لنا "الكعبي" في بحثه المذكور سابقا: "عمق السلطة والقرار اليهودي الممنهج في الولايات الأمريكية محير للعقول، ويمكن القول إنّ الحصة الكبيرة من هذه السلطة ترجع إلى السيطرة على وسائل الإعلام".
ومحصلة هذه السيطرة يسوقها على لسان الدكتور "حسن عباسي" هي أنّ "النظام االفكري الأمريكي ليس شيئا آخر غير هوليوود، لذا فإنّ أهميّة هوليوود وصناعتها للأفلام التي تشكل الحضارة في كفة، وكل الصناعات والاقتصاد والقوى العسكرية في هذا البلد في كفة أخرى" فلا غرابة أن يصرح الرئيس الأمريكي "روزفلت" وهو يفتتح هوليوود عند إنشائها "من هنا سنصنع عظمة أمريكا".
نقل "الكعبي" كذلك عن الكاتب "مارك وبر" في دراسة له بعنوان "هوليوود والأيادي الخفية وراء الكواليس" يقول فيه: "رغبة هوليوود الجنونية في كسب الأرباح الهائلة تعكس أضرارا جسيمة على المجتمع.. تتسبب في ترويج ونشر الرذائل وإنتاج ثقافة متدينة جدا.. يُضاف إلى ذلك التاريخ الطويل لهوليوود في ترويج الأيديولوجيات والأهداف السياسية الطائفية والقومية.. هوليوود لها دور واضح في هذا الانحطاط الأخلاقي والثقافي في الولايات المتحدة وكثير من دول العالم تتجاهل ذلك".
إذن: إنّها "هوليوود" التي تتربع على عرش الإنتاج السينمائي، وهي التي تصنع لنا "أمريكا" التي نعرفها اليوم، وأهم ميزتين تظهرهما لنا "هوليوود" هذه في أفلامها: العنف والتحلل الأخلاقي، وهذا التحلل يريدون لحصة منه أن تكون من نصيب الأطفال كذلك؛ أمام تجاهل العالم وصمته.

mohammed@alroya.net