حمود بن علي الطوقي
تجولت الأسبوع المنصرم في المشاريع التي تنفذها هيئة المنطقة الاقتصادية بالدقم؛ حيث تسارع الهيئة الخطى في تكملة البنية الأساسية من المرحلة الأولى، والتي تبلغ تكلفتها نحو ٣ مليارات ريال؛ وحقيقة الأمر أنّ ما رأيته في الدقم من جدية في الانفتاح نحو العالم يجعلنا نجزم أن هذه المنطقة من بلادنا العزيزة ستقود القاطرة الاقتصادية وقد تكون (الدقم) العاصمة التجارية للسلطنة؛ وهذه رسالة واضحة للمشككين في قدرة الدقم على قيادة القاطرة وتوجيه البوصلة نحوها. ومع نجاح الدقم حتمًا ستكتمل المنظومة، وتدخل عمان بفضل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- حقبة جديدة، وتتطلع للمستقبل وفق رؤية طموحة ستجعل من عمان قبلة للمستثمرين وواحة للأمن والامان، وستتسابق الشركات العالمية وشركات ما وراء البحار لتحظى بشرف انطلاق استثماراتها من أرض عمان الأبية.
عمان اليوم تتربع المشهد وتقف في الصفوف المتقدمة والأمامية بكل فخر مع الكبار لتفرض وجودها بأنّها الرقم المهم والأهم في المنظومة الدولية.
على مدار العقود الماضية رسم حضرة صاحب الجلالة - حفظه الله ورعاه- خارطة عمان ووضع الأسس التي ننطلق منها حول العالميّة، وكان جلالته -حفظه الله- يتابع هذا المشهد بكل تجلياته واضعًا السلطنة الهدف الأسمى بأن تكون ضمن أفضل دول العالم، خلال المرحلة القادمة.
سلطنة عمان ستحتفل بيوبيلها الذهبي (خمسة عقود ذهبية) وستكتمل الدرر الذهبية، وتدخل عمان عصرها الذهبي لتعلن حقبة جديدة من الملحمة الوطنية.
بالأمس بدأت ملامح هذه الرؤية تتشكل وذلك بإصدار المراسيم السلطانية السامية المهمة التي تحمّل القطاع الخاص مسؤولية أكبر، وتحمّل أًيضًا الحكومة الأمانة للتعامل مع هذه المراسيم بمهنية عالية؛ كونها مراسيم تخطط للمستقبل. ولو تأملنا في مضمون هذه المراسيم فسنجد أنّ جلها يصب في تنمية العجلة الاقتصادية، وجاءت جلها في محور التنمية ونذكر هنا (الإفلاس)، و(الشراكة بين القطاعين العام والخاص)، و(التخصيص)، و(استثمار رأس المال الأجنبي) هذه المراسيم السلطانية السامية تمثل خارطة طريق نحو المستقبل وتأتي نحو إيجاد بيئة تشريعية منظمة وجاذبة للاستثمار الأجنبي في كافة المجالات. لن أبالغ إذا قلت إنّ هذه المراسيم السامية التي صدرت أمس الإثنين الأول من يوليو مع غمرة الاحتفالات بعيد النهضة المجيد تعكس الرؤية والنظرة الثاقبة لجلالة السلطان - حفظه الله ورعاه- نحو جعل السلطنة مركزًا مهمًا في تعزيز أهداف الرؤية المستقبلية للسلطنة المبنية على تنافسية الاقتصاد الوطني دوليا، وتعزيز الدور التنموي للقطاع الخاص الذي ينطلق من تحقيق الشراكة مع الحكومة من أجل فتح مجال أوسع لإيجاد فرص عمل للقوى العاملة الوطنية.
قراءتنا كصحفيين وإعلاميين لهذه المراسيم تحملنا المسؤولية أكبر كإعلام أولا بأن نكون أكثر جدية في تحليل هذه المراسيم وقراءة متأنية ما بين الأسطر لمعرفة أين تتجه البوصلة، ويتطلب من الجهات ذات الاختصاص سواء وزارة التجارة والصناعة والهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات (إثراء) وهيئة المنطقة الاقتصادية بالدقم والهيئة العامة للمناطق الصناعية (مدائن) وكذلك الهيئة العامة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة (ريادة وصندوق الرفد) وعلى رأس هذه المؤسسات المجلس الأعلى للتخطيط تنظيم ورش عمل للإعلاميين؛ لتعريفهم بمضامين المراسيم السلطانية التي صدرت وهي بلا شك تمثل مادة إعلامية وصحفية دسمة لنا معشر الصحفيين؛ هذه المادة الدسمة سوف تفتح شهيتنا لنعبر بأقلامنا عن الرؤية المستقبلية للاقتصاد الوطني بشيء من التحليل والترويج.
المراسيم السلطانية المفرحة كما تابعناها تلامس عصب الاقتصاد الوطني سواء في محور قانون استثمار رأس المال الأجنبي، والذي يحقق الأهداف المرجوة نحو تعزيز مكانة السلطنة كوجهة استثمارية قادرة على استقطاب رأس المال الأجنبي، وتعزيز تنافسيتها في المؤشرات الدولية عبر المنظومة التشريعية التي تنظم ممارسة الأعمال؛ أو تلك المراسيم السلطانية السامية بإصدار قوانين "الإفلاس"، و"الشراكة بين القطاعين العام والخاص"، وكذلك "التخصيص"، و"استثمار رأس المال الأجنبي" هذه المراسيم تضع ثقلا مهما للحكومة نحو العمل على تبسيط الإجراءات والقضاء على البيروقراطية والتعامل مع المراسيم برؤية جادة وواقعية نحو تذليل أية صعوبات وعراقيل قد تواجه تنمية أهداف هذه المشاريع.
نريد أن نرى المرحلة القادمة مشجعة، ولا نريد أن يلقي القطاع الخاص اللوم على الحكومة، نريد أن نخلق شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، نريد حقا أن نترجم رؤية جلالة السلطان -حفظه الله- في تحقيق هذه الشراكة إلى أرض الواقع.
نريد أن نرى القطاع الخاص الجاد الذي يتحمل المسؤولية؛ فقد أُعطي هذا القطاع طوال الحقبة الماضية ما يحتاج من الدعم، وآن الأوان أن نرى لهذا القطاع إنجازات مهمة؛ من بين هذه الإنجازات تحمل المسؤولية نحو تشغيل العمانيين وتدريبهم وتأهيلهم لسوق العمل، فالحكومة دورها الآن وضع التشريعات وإصدار القوانين المشجعة لكي يقوم القطاع الخاص بدوره الريادي نحو المستقبل.