بعد أزمة الحظر الأمريكي.. هل من بديل لـ"هواوي"؟

 

ترجمة- رنا عبد الحكيم

نشرت شبكة "سي.إن.إن بيزنس" الأمريكية تقريرا موسعا حول شركة هواوي الصينية ومنتجاتها المتطورة، ليس فقط في مجال الهواتف الذكية، بل في قطاع تقنيات الجيل الخامس، لكن التقرير طرح سؤالا جوهريا مفاده: هل يمكن الاستغناء عن هواوي واستبدالها بشركة أخرى؟

يقول التقرير إن هواوي شركة كبرى منتشرة في جميع أنحاء العالم وتتعامل مع بعض من أبرز شركات التكنولوجيا والاتصالات في العالم، إضافة إلى أنها لاعب رئيسي في تطور تقنيات الجيل الخامس، وهو الجيل التالي من الشبكات اللاسلكية. وهذا النوع من النفوذ الذي تولد لدى الشركة، سيجعل من الصعب على الولايات المتحدة أن توقف زخم هواوي في الأسواق.

وقد حظرت الإدارة الأمريكية على الشركات في الولايات المتحدة من استخدام معدات الاتصالات من الشركة الصينية، والتي اعتبرتها واشنطن لفترة طويلة خطراً على الأمن القومي الأمريكي. ومنعت الحكومة الأمريكية الشركات أيضا من بيع التكنولوجيا إلى هواوي دون الحصول على إذن مسبق، لكن شركة هواوي تنكر أنها تمثل مخاطرة أمنية.

لكن يوم السبت الماضي، بدا أن الرئيس دونالد ترامب خفف من نهجه، بعد اجتماعه مع نظيره الصيني شي جين بينغ في قمة مجموعة العشرين التي عقدت قبل أيام في اليابان. وقال ترامب إنه سيسمح للشركات الأمريكية ببيع معدات لهواوي، لكنه نص على أن النزاع حول الشركة لن يُحل إلا في المراحل الأخيرة من المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.

وقال بول تريولو مدير سياسة التكنولوجيا العالمية في مجموعة أوراسيا: "هذه شركة تبلغ قيمتها 110 مليارات دولار، وهي في الحقيقة كبيرة للغاية، إلى حد ما، لا يمكن قتلها بهذه الطريقة لأنها متشابكة بشدة مع سلاسل التوريد والمعايير والبنية الأساسية الحيوية في كل دول العالم".

الجيل الخامس

وتعد هواوي أكبر مزود لخدمات الاتصالات في العالم، وقد استثمرت ملياري دولار في عمليات البحث والتطوير لمنتجات الجيل الخامس. وتقول إنها وقعت بالفعل 50 عقدًا تجاريًا في 30 دولة مختلفة لبيع تكنولوجيا الجيل الخامس.

وتريد الحكومة الأمريكية إبعاد هواوي عن هذا المسار، لخشيتها من أن تستخدم أجهزة المخابرات الصينية معدات الشركة للتجسس على بلدان أخرى، وهو ما تنفيه هواوي. وحثت الولايات المتحدة حلفائها على اتخاذ إجراءات مماثلة للحد من طموحات هواوي.

لكن لن يكون من السهل على الشركات التي تستخدم هواوي بالفعل استبدالها بمزود أجهزة آخر؛ حيث تشكل معدات هواوي بالفعل البنية التحتية لشبكات الجيل الرابع للعديد من شركات الاتصالات اللاسلكية الكبرى في أوروبا وأجزاء أخرى من العالم، مما سيجعل الانتقال إلى الجيل الخامس أسرع وأرخص. ففي أوروبا وحدها، قد يؤدي عدم القدرة على استخدام معدات هواوي إلى تحميل شركات الاتصالات اللاسلكية لنحو 62 مليار دولار كلفة إضافية، وتأخر نشر شبكة الجيل الخامس لمدة 18 شهرًا تقريبًا، وفقًا لتقديرات مجموعة مشغلي الهاتف المحمول "GSMA".

وغياب هواوي في أوروبا والأسواق المتقدمة الأخرى من شأنه أن يترك فجوة هائلة في السوق.

وقال تريولو خبير مجموعة أوراسيا: "قد لا يكون هناك منافسين لهواوي قادرين على التوسع بسرعة كافية لملء الفراغ". وأضاف "إذا لم يتمكنوا فجأة من الاعتماد على هواوي وتطبيق الجيل الخامس، فعليهم التفكير في تدمير جميع محطاتهم الرئيسية بشكل أساسي". وتابع أنه يتعين معرفة تكاليف استبدال هواوي بشركة أخرى، إلى جانب زيادة سعر الخدمة من المنافسين الآخرين.

وتحدثت شركات منافسة أخرى، مثل نوكيا الفنلندية، عن استبدال هواوي كمورد في أمريكا وأماكن أخرى. لكن نوكيا، أصغر من شركة هواوي، وأقرت بوجود تحديات في قدرتها على تركيب معدات الجيل الخامس.

وقال تومي أوتو رئيس شبكات المحمول في الشركة الفنلندية: "إن عدم اليقين بشكل عام ليس مفيدًا لقطاع الأعمال"، في إشارة إلى الوضع السياسي المحيط بالموردين الصينيين. وأضاف: "بعض عملائنا قد يؤخرون قراراتهم. إذا كان لديك مشغل لديه نوكيا ومورد صيني، فإن مثل هذا الموقف قد يؤخر اتخاذ قرارات العميل".

تضرر الشركات الأمريكية

وبحسب التقرير، أصبحت الشركات الأمريكية تعتمد على هواوي  كعميل، واشترت شركة هواوي  ما قيمته 11 مليار دولار من البضائع الأمريكية في عام 2018، مثل رقائق Intel (INTC) و Micron (MICR) ، وبرامج من جوجل.

وقبل حظر التصدير، كانت هواوي هي العميل الأول لدى شركةMicron ، وشكلت 13% من إيراداتها في النصف الأول من السنة المالية 2019. لكن الحظر الأمريكي قلص أرباحMicron ، حسبما ذكرت الشركة عندما أعلنت عن نتائج الربع الثالث هذا الأسبوع.

وقال سانجاي مهروترا الرئيس التنفيذي لشركة ميكرون للمحللين في اتصال هاتفي "كان له (الحظر) تأثير لأننا لم نتمكن في ذلك الوقت من شحن أي منتج لهم بحوالي 200 مليون دولار".

واكتشف ميكرون منذ ذلك الحين طرقًا للتعامل مع هواوي، وقالت الشركة إنها تمكنت من إعادة تصدير شحنات بعض المنتجات التي لا تشملها قيود التصدير.

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن شركة "إنتل" استأنفت مبيعاتها لشركة هواوي بعد إيجاد طريقة قانونية لمنع المنتجات من أن تكون "أمريكية الصنع". ورفضت "Intel" التعليق لسي إن إن بيزنس حول هذا تقرير الصحيفة.

وأعربت شركات الرقائق الأمريكية عن مخاوفها من الخسارة أمام الموردين الأجانب، في حال لم يتمكنوا من العمل مع شركة هواوي.

وقال تريولو: "أي شركة صينية تصمم دوائر معقدة تعتمد على التكنولوجيا الأمريكية عليها أن تعيد التفكير في خطتها الاستراتيجية خلال الخمس إلى العشر سنوات المقبلة". وأضاف أن هذا قد يعني أن الشركات الصينية ستتوقف عن استخدام الرقائق الأمريكية في تصاميمها.

تعليق عبر الفيس بوك