"فورين بوليسي": "أرامكو" السعودية تهدد أمن الطاقة في أمريكا

 

ترجمة- رنا عبد الحكيم

اعتبرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية أن شركة النفط الوطنية السعودية "أرامكو" تمثل تهديدا خطيرا على أمن الطاقة في الولايات المتحدة، داعية واشنطن إلى ضرورة تشديد قوانين مكافحة الاحتكار لتفادي أي مخاطر على قطاع الطاقة الأمريكي.

وذكرت المجلة في تقرير لها أن أرامكو لجأت في يناير الماضي إلى سوق السندات الدولية لشراء حصة في شركة سابك العملاقة للبتروكيماويات السعودية. ولذا تعين عليها فتح سجلاتها لأول مرة والتأكيد على أنها الشركة الأكثر ربحية في العالم. وفي عام 2018، حققت الشركة أرباحا بقيمة 111 مليار دولار، وهو ما يعادل أرباح آبل وجوجل وإكسون موبيل مجتمعة. وتبلغ تكلفة استخراج النفط للشركة 2.80 دولار للبرميل، أى أقل من نصف التكلفة لأقرب منافسيها.

وعلى الرغم من أن أرامكو تأسست من قبل شركة ستاندرد أويل في عام 1933، إلا أنها حافظت على مواردها المالية تحت حراسة مشددة منذ أن صادرت حكومة المملكة الشركة في سبعينيات القرن الماضي. ومنذ ذلك الحين، كانت الشركة بمثابة الشريان المدر للدخل للحكومة السعودية، حيث منحت الرياض أموالا طائلة استخدمتها في مشاريع الإنفاق الاجتماعي والدفاعي.

ومن بين العوامل الرئيسية التي دعمت نجاح الشركة مكانة المملكة العربية السعودية كقائد فعلي لمنظمة أوبك، والتي تؤثر في أسعار النفط من خلال زيادة الاحتياطات الضخمة لأعضائها في المعروض العالمي. فبفضل تخفيضات أوبك الأخيرة، على سبيل المثال، قفزت أسعار الخام الأمريكي 25% في الشهرين الأولين من عام 2019، مسجلة أفضل بداية للنفط منذ عام.

وعلى الرغم من أن ظهور الشركة لأول مرة في سوق السندات الدولية، يظهر تجاهلاً لقواعد مكافحة الاحتكار، إلا أنه كي تتمكن الرياض من الوصول إلى مليارات الدولارات التي ستسفر عن عملية بيع السندات، يتعين على أرامكو السعودية أن تتصرف مثل أي شركة دولية عادية؛ حيث يجب عليها إصدار نشرة إخبارية تتضمن المخاطر والإيرادات وتاريخ الأداء. لكن على عكس أسواق النفط الأمريكية الكبرى التي تحقق أرباحًا كبيرة مثل إكسون موبيل أو شيفرون، يتعين على أرامكو السعودية الالتزام بأولويات الرياض أيضا.

ومما زاد الطين بلة، اعتماد دول أوبك على الجيش الأمريكي لمراقبة خطوط إمدادات النفط العالمية، بما يضمن التسليم الآمن لمنتجاتها. وهذا يكلف دافعي الضرائب الأمريكيين ما لا يقل عن 81 مليار دولار كل عام، وهو ما يهدد حياة العسكريين الأمريكيين في هذه العملية.

وترى المجلة أن من المفارقة أن الأمريكيين يدعمون إنفاق الدول التي لا تشترك بالضرورة في الأولويات الاستراتيجية للولايات المتحدة. لكنها أشارت إلى إمكانية تدخل الكونجرس الأمريكي بوضع حل قابل للتفنيذ؛ حيث يمكن أن يقر قانون "نوبك" وهو قانون يهدف إلى إزالة حصانة الدول المصدرة للنفط "أوبك" وشركات النفط الوطنية، والذي من شأنه تعديل قانون شيرمان- قانون مكافحة الاحتكار المستخدم في تفكيك احتكار النفط- بحيث لم تعد أوبك وأعضائها قادرين على إدارة شركات النفط الخاصة بهم باعتبارهم من الشركات الخاصة والموارد العامة.

وتم تقديم قانون "نوبك " بدعم من الحزبين في مجلس الشيوخ من قبل السناتور الجمهوري عن ولاية أيوا تشاك جراسلي وفي مجلس النواب من قبل النائب الجمهوري عن ولاية أوهايو ستيف شابوت، ويقترح "نوبك"  تطبيقًا معتدلًا نسبيًا لقانون مكافحة الاحتكار الأمريكي على أوبك والبلدان الأخرى التي تتواطأ على أسعار النفط. ويمنح القانون وزارة العدل الأمريكية السلطة التقديرية لمقاضاة أوبك أو الدول الأعضاء فيها كما هو مطلوب (في الوقت الحالي، سيخضعون فقط للتقاضي الخاص).

وطالما أن الولايات المتحدة تعتمد على النفط لإمداد قطاع النقل، فإن الأمن الاقتصادي والوطني في أمريكا سيظل مهددًا بتقلب أسعار النفط والتلاعب بالسوق، بغض النظر عن كمية النفط والغاز الطبيعي التي تنتجها في الداخل.

وأوضحت المجلة أن التلاعب بالسوق في أوبك كلف المستهلكين الأميركيين 3.4 تريليون دولار بين عامي 1970 و2015، وهذا يتجاوز 81 مليار دولار المذكورة أعلاه لضمان أمن إمدادات النفط في العالم. وسيمنح "نوبك" المدعي العام الأمريكي أداة مهمة لمحاسبة الدول الأعضاء، مما يضمن وجود سوق نفط أكثر عدلاً وشفافية. وهذا يمكن أن يساعد فقط قطاع الطاقة والاقتصاد في الولايات المتحدة على نطاق أوسع.

تعليق عبر الفيس بوك