"كوبا" و"الكان".. دروس كروية بالمجان

أحمد السلماني

انطلقتْ بالأمس بطولة "كوبا أمريكا" إيذانا ببدء المتعة الكروية في أجمل بلد يعشق ويلعب كرة القدم في العالم، دون أن نغفل جيرانها، إذ إنَّ الكرة في أمريكا الجنوبية ذات الصبغة اللاتينية عنوانها الأبرز هو "المتعة والأناقة"، ولها عشاقها في شتى بقاع البسيطة، انطلقتْ أول نسخة لها عام 1916؛ لذا تعدُّ من أعرق بطولات كرة القدم للمنتخبات، وشهدت انعطافات ومنعرجات تاريخية وأفرزت نجوما يصعب كسر أرقامهم.
أما بطولة أمم أفريقيا "الكان" -والتي انطلقت عام 1957 بثلاثة منتخبات- فإن النسخة الحالية بمصر ستلعب ولأول مرة بين 24 منتخبا إفريقيا خالصا، وتبرز مصر كقطب كروي إفريقي استثنائي؛ كونها أكثر من حقق لقبها، بل إنها أكدت زعامتها الإفريقية بطلبها استضافة البطولة عِوَضا عن الكاميرون التي سحب منها "الكاف" البطولة لمصلحة الفراعنة وفي زمن قياسي أكدت مصر جهوزيتها التامة لانطلاق الحدث الرياضي الأبرز إفريقيًّا في بطولة عنوانها الأبرز "القوة والإثارة".
وأكاد أُجزم يقينا بأنَّ البطولتين قد ظلمتا عشاق كرة القدم "الممتعة والقوية" بانطلاقهما في توقيت واحد تقريبا؛ إذ لا يفصل بين انطلاقتهما سوى أسبوع واحد؛ وبالتالي فنحن نعيش صيفا كرويا ملتهبا كذلك الذي عشناه الصيف الماضي إبان كأس العالم "روسيا 2018".
من كل ما سبق، أودُّ ان أصل إلى نقطة مهمة جدًّا، أنى لنا أن نستفيد نحن العمانيين والعرب في العموم من بطولات كبرى كهذه؟! وما الذي من الممكن أن نجنيه عندما نتحدَّث عن تطور كرة القدم العمانية؟ وأقول إن بطولات كبرى وملاحم كروية عظمى كهذه لا يجب أن تمر دون أن نستلهم منها تفاصيل كرة القدم داخل وخارج المستطيل الأخضر من حيث الجديد في التنظيم وتصاميم الملاعب، وكيف تلعب المنتخبات، والجديد في "تكتيكات" وخطط لعب كرة القدم.. في منطقتنا، أعتقد جازما أن الأشقاء القطريين وحدهم كانوا يفكرون خارج الصندوق، احتكوا بهذه البطولات وابتعثوا من يبحث في كواليس تنظيمها واستقطبوا منها الخبراء والفنيين وحتى اللاعبين، لهذا هم اليوم يسبقون الجميع بأميال، وسينظمون أكبر حدث كروي في العالم ومنتخبهم أحرز كأس آسيا، وتمكنوا من تسجيل اسم قطر في أعرق بطولة كروية في العالم، وسيواجهون "أرجنتين ميسي" وغيرها من المنتخبات سعيا لصناعة منتخب سيقارعون به في كأس العالم.
وأدرك يقينا أنَّ هذا ليس في خلد مؤسسات كرة القدم في بلادي بالمطلق؛ فهذا شيء فوق مستوى إدراك قياداتها، ولا تسعى إليه ولن تسعى إليه، فأقصى ما تفكر به هو كأس الخليج ومسابقاتها المحلية، ونخشى حتى من تنظيم مجموعة واحدة بكأس العالم، ومصر قررت تنظيم بطولة بـ24 منتخبا في زمن قياسي رغم ظروفها الاقتصادية الصعبة.
ولكن ماذا عن المدربين والفنيين والمحللين ولاعبي كرة القدم العمانية في منتخباتنا وأنديتنا وحتى لاعبي الفرق الأهلية، هي دعوة صريحة لأن يستفيد ولا يفوت الجميع فرصة الاستمتاع بجمالية كرة القدم في "كوبا" ولا بالقوة والإثارة في "الكان"... فإلى هناك.