تدريس الدراسات الاجتماعية .. الرؤية المعاصرة

 

 

علي بن عبد الحسين العجمي

 

تُمثل الدراسات الاجتماعية بأهدافها التربوية العميقة، وبطبيعتها المعرفية الواسعة حجر أساس في تنشئة الأجيال سلوكيًا، ونفسيًا، واجتماعيًا، واقتصاديًا، وسياسيًا، فأصبحت بذلك مقررًا دراسيًا أساسيًا في معظم دول العالم. وبذلك تكون أدوارها ومسؤولياتها جدًا مُهمة في حياة المجتمعات البشرية، باعتبارها وسيلة مهمة في إعادة بناء هذه المجتمعات وتغييرها لتصبح دائماً في حالة تطور مستمر.

إنَّ الوصول لتطوير المجتمع من خلال الدراسات الاجتماعية يتأتى بلا شك عن طريق إعطاء القائمين على المناهج المدرسية حقها من الاهتمام، ومن خلال كذلك اتباع المعلمين أساليب وطرق تدريس تعمل على تنشئة الطالب تنشئة يفهم من خلالها ويستوعب كيف تسير الأمور اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا وعلميًا في بلده والعالم، وتعمل على إكسابه مهارات تفكيرية عليا يستطيع من خلالها أن يتأمل ويبدع ويبتكر وينتقد، ويكوّن وجهات نظر خاصة به، قائمة على مُحاكاة العقل والمنطق لا العاطفة والانتماءات المحلية الضيقة.

إن تدريس مواضيع الدراسات الاجتماعية يتطلب طرقاً وأساليب متنوعة ومتطورة تستطيع أن تعالجها وتتناولها بالشكل الذي يحقق أهداف تدريسها، فالمواضيع التي تتناول القضايا المعاصرة في مجالات الجغرافيا، والتاريخ، وقضايا البيئة، والمناخ، والسياسة، والاقتصاد، والتقدم العلمي، والحياة الاجتماعية، وغيرها تتطلب أساليب وإستراتيجيات قائمة على حل المشكلات واتخاذ القرار والاستنتاج والاستقراء والاستقصاء والاكتشاف. 

إن تدريس هذه المادة يحتاج إلى اهتمام من قبل مُعلميها في تنمية القيم والاتجاهات الإيجابية لاسيما تلك المتعلقة بثقافة دينه ومجتمعه ووطنه، كما يجب أن يركزوا على تنمية الانتماء الوطني في نفوس طلابهم، وتعزيز روح المواطنة، والعمل الجماعي، وإكسابهم مهارات حياتية يستطيعون من خلالها معايشة واقعهم، وتوسيع اهتماماتهم في المحافظة على التراث القائم على العقيدة والحضارة وثقافة الأمة.

 

 يجب أن يرتكز تدريس الدراسات الاجتماعية على إكساب الطلاب مهارات التفكير المنظم والتحليل والنقد والربط بين الأسباب والنتائج، ويعمل على تكوين العقلية الناقدة لدى الطالب بحيث يستطيع مواجهة الانفتاح الحضاري، والانفتاح الإعلامي العالمي، وينمي مهارات التفكير الإبداعي، والتأملي لدى المتعلم ليكون قادراً على مواجهة المشكلات الراهنة والمستقبلية لإيجاد الحلول والبدائل.

تستدعي طبيعة الدراسات الاجتماعية ولاسيما في مواضيعها الاختلافية والجدلية تدريسا يكون قائمًا على تنمية آداب الاختلاف في سلوكيات الطلاب، وتعزيز قيم الحوار الإيجابي والتسامح والسلام والمودة والحب والاحترام.

كما تحتاج كثير من مواضيع الدراسات الاجتماعية في تدريسها إلى استخدام وسائل وتقنيات حديثة في ظل تطور مناهجها في كثير من دول العالم مثل: استخدام أقراص الحاسوب، وأفلام الفيديو، والبرامج الحديثة والمطورة، وجمع الصور والمجسمات، وهذا لا يعني أنها ليست بحاجة إلى الوسائل التقليدية وأهمها في هذه المادة هي الخرائط، إلا أننا نحتاج إلى تطويرها وتحديثها بما يتماشى مع التغيرات السياسية والطبيعية للخرائط العالمية، ومع المتغيرات التكنولوجية والتقنية المتقدمة، وفي هذا السياق يجب أن يوجه المتعلم للاستفادة من مصادر التعلم المتوفرة في البيئة؛ لذلك يجب أن ننمي خلال تدريس الدراسات الاجتماعية مهارات التعلم الذاتي باستخدام مصادر التعلم وتقنيات المعلومات الحديثة والمختلفة.

 إن تدريس الدراسات الاجتماعية يجب أن ينمي الاتجاه الإيجابي نحو الحرف المهنية السائدة لسد حاجة الفرد واعتماده على نفسه والمساهمة في تنمية القوى البشرية في المجتمع، وكذلك تنمية قيمة العمل وأهمية وجود الكوادر الوطنية المدربة والمؤهلة في جميع مجالات سوق العمل.

تعليق عبر الفيس بوك