حمود بن علي الطوقي
في جلسة حوارية رمضانية بمجلس الخنجي تحدثت مع الخبير الاقتصادي طلال أبوغزالة عن توقعاته حول الأوضاع الاقتصادية واستمرار تدهور أسعار النفط في الأسواق العالمية، خلال هذا الحوار الذي نقلت جزءًا منه عبر سلسلة من التغريدات على حسابي في تويتر نبَّه إلى أزمة اقتصادية قادمة وتوقع أن تكون خانقة وتحدث عن ملامح هذه الأزمة التي ستتحول إلى صراع بين القطبين الأمريكي والصيني. تابعت بعد ذلك ردود هذه التصريحات وأيضاً حواره عبر عدد من القنوات الفضائية حيث ألمح طلال أبو غزالة إلى سلسلة من النزاعات تبدأ باستغلال التقنية في الحرب بين القطبين الصيني والأمريكي وستتحول إلى حرب اقتصادية وتجارية وسياسية وستواصل الأزمة إلى صراع وحرب عسكرية طاحنة ولن تكون الحرب العسكرية حسب رؤية أبو غزالة في شرق الأوسط، كما يتوقع المراقبون بل ستكون الحرب بين القطبين الأمريكي والصيني وتنتهي بجلوس القطبين لإعادة رسم خارطة الطريق للعالم حيث لن تصبح أمريكا هي القوى العظمى المسيطرة على العالم بل ستشترك مع الصين وحلفائها في وضع مخطط جديد سيعود هذا التخطيط بالنفع على الدول العربية والشرق أوسطية وستجد القضية الفلسطينية حلاً مرضياً بعد صراع دام لأكثر من خمسة عقود.
توقعات أبو غزالة لقيت ردوداً وهناك من اعتبر هذه التصريحات غير واقعية وغير مبنية على حقائق بل مجرد فقاعات يحاول أبو غزالة أن يلفت بها الانتباه. أبو غزالة كان يتحدث من منطلق اطلاعه على التقارير والدراسات الأمريكية والتخوف من القطب الصيني الذي سيغزو العالم وسيفرض هيمنته على حلفائه وشركائه في مختلف أقطاب العالم.
قال أبو غزالة حرفياً "أتوقع أن تتطور الخلافات بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية إلى أزمة اقتصادية عالمية خانقة وستبدأ ملامح هذه الأزمة في مطلع العام 2020 ونتيجة لهذه الأزمة ستقود إلى الحرب العالمية الثالثة غير المتوقعة.
ولن تدوم طويلاً وستنتهي بجلوس الأطراف للتفاوض، ستقوم الصين وأمريكا بالجلوس معًا لصياغه نظام عالمي جديد بإدارتهما المشتركة.
توقع أبو غزالة أن ينكشف الضباب بعد الحرب وباتفاق بين القطبين سيؤدي إلى انتعاش اقتصادي وسيتبع ذلك عملية إعادة إعمار ونهضة عالمية شاملة تؤدي إلى ازدهار وستكون المنطقة الخليجية والعربية المستفيد الأكبر من إعادة التعمير كونها ستتعرض لأكبر قدر من الدمار، وستكون الأكثر حاجة للإعمار، وذلك من خلال مشروع يشبه خطة مارشال للإعمار.
الأزمة الاقتصادية القادمة ستبدأ من الولايات المتحدة فهي من تقوم بتصدير الأزمات ولكن الأزمة القادمة ستكون أكثر فتكا من تلك التي حدثت في العام ٢٠٠٨ وستستمر لفترة أطول وسيكون لها أثر جسيم على اقتصادات الدول الغربية والعالم، مسببة ركودا ومؤدية للعديد من حالات الإفلاس.
سألت أبو غزالة عن مصادره فقال أنا أصدرت تقريرا مطولا ونشر في العديد من الصحف وهذه المرئيات مبنية على دراسات أمريكية حيث تؤكد أحدث التقارير الصادرة عن صندوق النقد الدولي (IMF) ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) على أن الاقتصاد العالمي آخذ في التباطؤ، وسيستمر في التباطؤ حتى حلول عام 2020. كما أن تقرير «آفاق الاقتصاد العالمي» الصادر عن صندوق النقد الدولي قد عدّل من توقعاته بشأن النمو العالمي في ٢٠١٩و٢٠٢٠ باتجاه الانخفاض. ويرجع ذلك جزئيًا إلى الآثار السلبية لزيادات التعرفة الجمركية المطبقة في الولايات المتحدة الأمريكية والصين عام ٢٠١٨.
تصريحات أبو غزالة المشتعلة قادتني لطرح مجموعة من الأسئلة الجوهرية ومناقشتها على المستوى المحلي فكيف سيكون وضعنا الاقتصادي والمالي على غرار التنبؤ بأزمة اقتصادية ستكون الأشد من الأزمة الحالية، هل هناك استعداد للحد من هذه الأزمة وطرح أفكار جديدة تجنبنا الوقوع في براثن هذه الأزمة.
هل علينا أن نكون أكثر استعدادا لمعطيات الرؤية المستقبلية لعُمان والتي حتماً لن تكون في معزل عن الأزمات التي ستواجه العالم كوننا جزءا من هذا العالم، ولكن يمكننا أن نكون أكثر حرصًا من الآن ونشخص الأزمات الاقتصادية بعدة مؤشرات، أهمها الدقة في التعاطي مع المنجز العام المتحقق، مما قاد إلى استشراف مرتبط بأرض الواقع للمرحلة المقبلة؛ كما يتطلب منّا جميعا ضرورة بحث مصادر جديدة للدخل القومي بدلاً عن النفط وفتح مجال لدخول شركات عالمية متعددة الجنسيات لتكون مصدر قوة لنا وعلى المعنيين وصناع القرار الاقتصادي رسم مسارات وخارطة طريق تعزز من قيمة مشاركة القطاع الخاص في بناء الشراكة التفاعلية مع الحكومة؛ بالإضافة إلى تعزيز الوعي المجتمعي للمحافظة على المكتسبات والعمل من أجل تحقيق المصلحة العامة، تمهيداً لتحقيق واقع ملبٍّ للطموحات الضرورية بما يتناسب مع ثلاثية الخطة الخمسية العاشرة التي تهدف إلى تحقيق التغيير الذي لا مناص من أن يصل بسفينة الاقتصاد المحلي ذي الخارطة التنويعية إلى مرحلة الأمان، وهو الذي يتم زراعته الآن لتحصده الأجيال اللاحقة من جهة، ولتبني عليه خططها المستقبلية أيضًا من ناحية ثانية.
بهذا الفكر ربما سنكون في أمن وأمان من تداعيات الأزمة الاقتصادية القادمة.