قانون الاستثمار الجديد بين التسهيل والتحفيز

 

 

عبّاس المسكري

 

 

لا بد لنا أن نؤمن إيمانًا قطعيا أنّ الواقع يفرض نفسه علينا ولا بد لنا من تقبل ذلك فواقع الحال العالمي قد قال كلمته والعالم اليوم بأسره يقع تحت وطأة تردي أسعار النفط الذي أنهك خزائن الدول وأفرغها، وبما إنّ السلطنة جزء لا يتجزأ من هذا المكون العالمي من المؤكد لن تكون بمنأى. وفي خضم هذا التردي للأوضاع الاقتصادية في المنطقة سارعت أغلب البلدان إلى القيام بمراجعة شاملة في قوانين الاقتصاد ولكي لا يكون النفط هو المصدر الوحيد لرفد الاقتصاد استنفرت جميع الدول واجتهدت من أجل إيجاد البدائل والحلول الكفيلة، التي من شأنها دعم الاقتصاد والنهوض به إلى الحد المعقول الذي لا يخلو من التوازن في عملية تسيير باقي القطاعات المرتبطة به فالمرحلة التي تمر بها المنطقة اقتصاديا مرحلة حرجة جدا.

فمن أجل هدف تجنب مخاطر الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للاقتصاد الوطني ما أحوجنا إلى قيام قطاع خاص كفء قادر على الاسهام بفاعلية في تحقيق تنمية مستدامة متطورة بكل المقاييس، واقتصاد متنوع متفاعل مع الاقتصاد الإقليمي والعالمي في إطار اقتصاد مستقر لتحقيق معدلات عالية من النمو، بما أنّ تنويع الدخل أصبح أمرا ضروريا لا بد منه للاستثمار في جميع القطاعات، وما نحن في حاجة ماسة إليه القيام بمراجعة شاملة لبعض القوانين التي تخدم التنمية الاقتصادية لتواكب الزمن، وتقديم التسهيلات والتقليل من بيروقراطية إتخاذ القرارات، ولكي لا يكون اعتمادنا الكلي على النفط لا بد من فتح أبواب السوق العماني للمنافسة الشريفة ولن يكون ذلك إلا بالرغبة الصادقة المبنية على المصلحة العامة  لبناء اقتصاد قوي، ولا بد لنا من أن نقوم بنقلة نوعية باقتصاد السلطنة وتحويلها من تجارية إلى صناعية، لأنّ العالم اليوم بأكمله توجه إلى ذلك وعمان تحظى بكل المقومات الداعمة لتنمية الاقتصاد وتنعم بأمن واستقرار، وبها موانئ ومطارات ومنافذ حدودية برية وبحرية وجوية تربطها بالعالم أجمع.

تتجه الأنظار اليوم إلى مجلس الدولة والجميع يترقب وبحذر ما سيتم الإعلان عنه حول قانون استثمار المال الأجنبي الجديد الذي طال انتظاره واضعين في الحسبان بأن تكون هذه القوانين واللوائح ونظم الاستثمار الأجنبي مرنة تساهم في جلب الاستثمار، وخطط ودراسات اقتصادية بحتة وإغراءات لجلب المستثمرين إلى عمان وأهمها توفير الخدمات المتكاملة والمرونة في استخراج التصاريح بأنواعها، والتحفيز الذي يطمح له كل مستثمر كالإعفاء من الضريبة لفترة محددة وتخفيض قيمة الإيجارات والخدمات الضرورية الأخرى كالغاز والماء والكهرباء، ففتح باب الاستثمار أصبح ضروريا من أجل قيام شركات كبرى بالاستثمار في السلطنة ليكون ذلك داعما ورافدا حقيقيا للاقتصاد الوطني مع ضرورة إلغاء ما يسمى بالكفيل المواطن، ولكي لا تؤثر هذه القرارات  نسبيا على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لا بد من تحديد سقف مالي للمستثمر الأجنبي ليبدأ نشاط عمله وبدون كفيل مع ضمان دخول هذه الأموال لبنوك السلطنة.

علينا أن نكون جادين ولدينا الشجاعة لمنح كل التسهيلات اللازمة  للاستثمار في كل القطاعات بعيدا عن أي استثمار مبطن، ومن الضرورة السير في إتجاهين، الأول توفير بنية تحتية للمناطق الصناعية وقد قطعت البلاد في ذلك شوطاً كبيراً، والثاني مواصلة تبسيط الإجراءات عن طريق ما يعرف بالحكومة الإلكترونية وقاعات المحطة الواحدة، واعتقد ما ينقصنا اليوم هو التسويق الداخلي والخارجي لجذب الاستثمارات في ظل تنافس إقليمي للاستحواذ على حصة المنطقة من هذه الاستثمارات، فالمستثمر لا بد له أن يكون على إطلاع بما تزخر به البلاد من فرص، ومدى توفر عوامل النجاح لكل القطاعات، من حيث توفر المواد الخام والخدمات الأساسية والطرق الحديثة  للنقل والمطارات بالإضافة لمنافذ التصدير البحرية والبرية، فالتسويق للبلاد أصبح ضروريا لاستغلال ما تم إنفاقه على البنية التحتية طيلة السنوات الماضية، وترك التقوقع داخل مكاتبنا في انتظار من يطرق الباب لإنشاء مشروع ما.

تعليق عبر الفيس بوك