هذا الجسد صادق جدا

 

د. أحمد جمعة | مصر

 

هذه اليد

أصدق حين تلوّح:

وداعًا،

وهذا القلب أصدق جدًا

حين ينزف دقاته

دقة دقة

إثر جرح غائر أحدثته

شفرة الخيانة،

وهذه العين أصدق

حين تذرف نورها

على جسد الذكريات

عتمة أبدية

يرصّع مفارقها

الملح،

هذا اللسان صادق جدا

حين يستطعم

لحم الذين طبخناهم

في أواني الغيبة،

هذه القدم أصدق

حين تجرنا

للأزقة التي طعنّا فيها أحبّتنا

بخناجر الغياب،

هذه الأذن أصدق

حين تسترق السمع

لهؤلاء الذين كالوا لنا المحبة

ولم نحمل لهم في قلوبنا

مثقال ذرة من

وفاء،

هذا الجسد صادق جدًا

حين تتقد فيه جذوات

الخيانة

وأيضًا حين تدفعة الرغبة

لفعل ما كان يحلم بفعله من عمر

لكن أخلاقًا ما أو عرفًا

كان مانعه،

وحده الشيب

-مهما تألق بياضه-

يبقى كاذبًا

لأنه يخفي تحته أفكارنا

السوداء.

 

بعد كل هذا الحب

سيكافئك القدر اللطيف

بالفراق،

بعد كل هذا النور الساطع

من عينيك الآلقتين

سيؤنس رؤيتك

العمى،

وبعد كل هذه الحياة

التي لم تمهل نفسك فيها دقيقة

للتفكر

سيمنحك الرب وقتًا كافيًا

تفكر فيه بكل حياتك

في القبر!

تعليق عبر الفيس بوك