حمود بن علي الطوقي
لماذا يتأخر تنفيذ بعض المشاريع المهمة على الرغم من الإعلان عنها؟ ولماذا هذه المشاريع الاستثمارية التي أعلن عنها ودشنت في احتفالات رسميا لم تر النور، هناك أيضا مشاريع من المفترض أن تكون رافدًا للاقتصاد الوطني لم تجد البيئة الاستثمارية المناسبة وفضّلت الرحيل بصمت.
ونتابع كصحفيين أنّ هناك أيضًا مشاريع ذات القيمة المُضافة تعثرت ويلقي أصحاب هذه المشاريع اللوم على الإجراءات والقوانين والبيروقراطية التي كانت وراء هجرتها والبحث عن مواطئ قدم لها آمنة وجدت فيها بيئة وقوانين مشجعة.
لا ننكر أنّ هناك جهودا تبذل من قبل الحكومة وتسعى أي الحكومة لأن تستقطب تلك المشاريع وتقدم لها كافة الدعم والتسهيلات ورغم ذلك تبقى هذه المشاريع مجرد رقم لا يسمن ولا يغني من جوع.
نقرأ بين الفينة والأخرى رغبة الحكومة في تنفيذ مشاريع تكون طرفا في منح حق امتياز لدول شقيقة وصديقة، ولكن تظل هذه المشاريع حبيسة الأدراج تنتظر الفرج وينتظر معها القطاع الخاص والمواطن لأنها في حالة تنفيذها ستحدث فرقا وتنعش العجلة الاقتصادية وترفد السوق بوظائف وستحقق أمنية شريحة كبيرة من الباحثين عن عمل.
يا ترى - نتساءل كجمهور وكقطاع خاص وأيضاً كحكومة- أين تكمن المشكلة في تعثر هذه المشاريع؟ ولماذا تتأخر رغم الإعلان عنها، قد يكون. الرد المتوقع أنّ الأوضاع الاقتصادية والأزمة المالية وتدهور أسعار النفط هي التي أجّلت تنفيذ هذه المشاريع، وبقيت بلا روح ومع مرور الوقت أصبحت في طي النسيان.
حقيقة الأمر؛ أنّ تأجيل تنفيذ المشاريع وهروب الاستثمارات يؤثر سلبا على الأوضاع الاقتصادية ويتطلب من القائمين والمخططين وضع كافة التحديات في طاولة الحوار مناقشة الأسباب الفعلية والحقيقية من تعثر قيامها وتنفيذها رغم الإعلان المسبق عنها ومنحها كافة التسهيلات حتى تتحقق وتكون على أرض الواقع.
نراقب كمواطنين تأخر هذه المشاريع ونضرب أخماسا في أسداس لمعرفة السبب في تأخر تنفيذها ونضع في الاعتبار أنّ هناك حلولا يمكنها أن تدفع هذه المشاريع لترى النور، وتساهم في دفع العجلة الاقتصادية. ومن يملك هذه الحلول في رأينا هي مؤسسات الدولة التنفيذية، ومن هنا نرى أنّ على الجهات المعنية مراجعة تبسيط الإجراءات ومد جسور التعاون مع القطاع الخاص باعتباره شريكا استراتيجيا.
صحيح أننا نعيش تحديات اقتصادية بسبب التدهور في أسعار النفط كونه المصدر الأقوى الذي نعتمد عليه، وصحيح أنّ الحكومة تسعى لتجاوز التحديات بأقل الخسائر، لكن يجب أن نعترف أنّ هناك علة أصابت اقتصادنا ولابد من معالجتها بشكل سريع حتى لا تتزايد التحديات ولا نقدر على مواجهتها.
أعتقد أنه آن الأوان أن نبحث عن أبجديات الحوار الهادف ونضع الأمور في مسارها الصحيح، وسنجد أنّ الحلول ممكنة وسهلة المنال وأنّ العلاج موجود، وفي المتناول، ويتطلب إلى وجود طبيب ماهر لكتابة الروشتة، وبتر العضو المتسبب في هذا المرض.
الوضع الذي يعيشه اقتصادنا بإعلان عن مشاريع ضخمة لا ترى النور شبيه بالمثل العربي القديم والشهير "تمخض الجبل فولد فأرا" فهو بالفعل هكذا بمعنى هذه العبارة، أي أنّ مشاريعنا المعلنة كبيرة وحجمها كالجبل، لكن ما ينفذ في أرض الواقع من مشاريع لا يخدم طموحنا وخططنا الرامية إلى دفع العجلة الاقتصادية. وهذا المثل يُضرب لمن يُتوقع منه الكثير لكنّه يأتي بالشيء القليل الذي لا يتناسب مع حجمه الحقيقي.