دراستي.. مسؤولية أمي

بلقيس بنت علي القسيمية 

كل مساء تُبادر أمي بفتح حقيبتي المدرسية بحثاً عن الواجبات والأنشطة اليومية؛ فمسؤوليتي الدراسية تنتهي بمجرد مغادرتي صرح المدرسة؛ لتبدأ مسؤولية أمي في إنجاز المهام المصاحبة، حان الوقت لأستمتع ولتقم أمي بالواجب، فأنا مُوقِن بأنها سوف تقوم بما هو منوط بي على أكمل وجه، أسمع رجاءها من حين لآخر كي أتنازل وأحل مهامي بنفسي، متعللةً بأعمال المنزل وإعداد العشاء، ولكن ذلك لا يعنيني، كما أنَّني واثق بأنَّ أمي لن تسمح للمعلمة بأن توبِّخني على تقصيري في دراستي؛ لذلك فهي مضطرة لأن تقوم بما هو موكل إليَّ بإتقان.

مشاهد متكررة في معظم العائلات تقريباً؛ فقد أصبحت الدراسة همًّا كبيراً وهاجساً مخيفاً على أولياء الأمور؛ فرفض الطفل القيام بواجباته يدفع الأم غالباً إلى القيام بذلك، دون إدراكها بأن ذلك يعد من الظلم في حق تنمية عقل الطفل التعليمي، فهو في حقيقة الأمر قادر على إنجاز ما يوكل إليه بنفسه، في حال أجبر على ذلك، إلا أنه موقن بأن أمه ستختصر عليه العناء، بقيامها بذلك وفي وقت قياسي؛ لذلك أصبح مقياس التفوق لدى معظم الأطفال مبني على المستوى التعليمي لدى الأمهات؛ مما أدى لخلق جيل لا يقوى على تحمل المسؤوليات.

فجيل اليوم منشغل باللهو واللعب والبحث عن المتعة، جيل يبحث عن كل ما هو سهل يسير لا يكلفه من العناء شيئًا، مُتكل في كافة أمور حياته العلمية والعملية، لا يقوى على إدارة مسؤولياته وإنجاز مهامه، يسعى دائماً نحو ما يمكن أن تُطيله يديه دون أي جهد.

فما الذي أوصل أبنائنا إلى هذه المرحلة؟ غالبا ما تُلقى أصبع الاتهام على المعلم رغم أنه يبذل قُصار جهده لإيصال المعلومة باستخدام مختلف السبل والوسائل، تليه وزارة التربية والتعليم ومحاولاتها المتكررةٍ في تحديث أنظمتها ومناهجها لتتلاءم مع حاجة الجيل الجديد وتوجهاتهم واهتماماتهم، ثم أولياء الأمور الذين يناضلون في سبيل تحقيق سبل الراحة لأبنائهم، طامحين بأن يروا فلذاتهم في أعلى مراتب التفوق والنجاح، وأخيراً الطالب المبرأ من جميع الاتهامات باعتبار نفسه الهدف المغلوب على حاله، رغم أنه هو المُتهم الحقيقي.

إنَّ الجهات الأربع تحتاج لأن تتكاتف وتعرف كل واحدة منها دورها وواجباتها لتنشئ جيلا قادرل على تحمل المسؤولية والاعتماد على نفسه، سواء على الصعيد الشخصي أو العام، فالواجبات الدراسية هي بداية تعويد الطالب على تحمل مسؤوليات القيام بأعماله الشخصية، ليصبح قادراً على تحمل مسؤوليات أكبر مستقبلاً.

تعليق عبر الفيس بوك