أحمد السلماني
تشرَّفتُ بتلبية دعوة كريمة من المجموعة البحثية بكلية التربية في جامعة السلطان قابوس والمتخصصة في بـ"علوم الرياضة وجودة الحياة"؛ للمشاركة في حلقة نقاشية بعنوان "مناهج الرياضة المدرسية المعاصرة وفق الرؤية 2040"، والتي شارك في إثراء الحوار بها ثلة مُدهشة من المتخصصين والمهتمين بعنوان الحلقة؛ سواء من وزارة التربية والتعليم، أو وزارة الشؤون الرياضية، وجامعة السلطان قابوس، وأتمنى أن أكون قد مثلت الإعلام الرياضي كما ينبغي، بعد أن أقر المشاركون بأنه "شريك أصيل" في تطوير القطاع الرياضي.
وبكل صراحة، فقد صُدِمت وأنا أستعرض محاور الحلقة التي أرسلت لي سلفا؛ كونها تدخل في صميم العمل التربوي وشركائهم المتخصصين في القطاع الرياضي من فنيين ومعلمين ومدربين، أو حتى مسؤولي وزارة الشؤون الرياضية، هنا كان لا بد لي من الاستعانة بصديق فقط لأتمكن من مواكبة أطروحات ومناقشات الزملاء، فكان لي شرف التواصل مع شخصية رياضية متخصصة وظيفته مشرف تربية رياضية، بل إنه رياضي بامتياز، والذي كان كريما جدا حين أجزل لي الشروحات الوافية عن تلك المحاور، وزاد عليها من فيض خبراته التراكمية، وهنا أتساءل أن من مثله وهم كثر وتزخر بهم ساحتنا الرياضية الميدانية هم من يجب أن يُسلموا مقاليد وضع رؤية "2040" لا أولئك الذين يعيشون في أبراج عاجية ومكاتب فارهة، الرؤية التي اتُّهمت بأنها أسقطت الرياضة من مساقاتها، لكن الحقيقة غير ذلك بالمطلق، بل هي في صميم أهدافها ولكن التسويق والطرح الإعلامي لها كان فقيرا وسطحيا.
وللحق أيضا، فإن مناهج التربية الرياضية والتي تطرح بمدارسنا وفق أطروحات المتخصصين قد مرت بمراحل تطويرية، كانت نتاج بحوث ودراسات أفرزت جميعها ضرورة الارتقاء بحصص الرياضة المدرسية وبما يتناسب وكل حلقة، وأنها تعدت كونها حصة ترفيهية لا أكثر، وتجاوزت مرحلة المسابقات والمنافسات بالمدارس، بعد أن أدرك القائمون على السلك التربوي أهميتها في تنشيط وتنمية فكر الطالب، وأن الرياضة تنمية للبدن وللعقل، وأعتقد جازما أن معلم التربية الرياضية إن سار بها وفق المنهج العلمي والعملي لها ومنح الهامش الإبداعي المطلوب وتعاون معه ولي الأمر في إدراك أهميتها، فإن تأثيرها المباشر على الطالب ومستواه التعليمي وصقل مواهبه الرياضية بلا شك ستشكل نواة لمشروع "صناعة البطل" وهو المشروع الذي نادينا به منذ سنوات.
والحق، فإنه ومن خلال جميع الأطروحات التي وضعت على طاولة الحوار، فإن غياب الأدوار التكاملية والتنسيق بين كل من وزارة التربية والتعليم ووزارة الشؤون الرياضية وجامعة السلطان قابوس، وتشتت الجهود أفضى إلى هذا التراجع المريع في الرياضة العمانية، والغياب الطويل عن منصات التتويج، وحين كانت وزارة التربية والتعليم وشؤون الشباب وزارة واحدة، فإنها كانت رؤية حكيمة، لكن ولمواكبة التطور والتوسع الهائل في قاعدة الرياضة والرياضيين أفضى إلى ضرورة الفصل بينهما؛ لذا بات من الضرورة بمكان أن تلتقي هذه الجهود من خلال بلورة حقيقية لرابط مشترك بينهما، ربما نجده في "الاتحاد العماني للرياضة المدرسية"، والذي تقع على عاتقه مسؤولية تفعيل هذا الخط مجددا، بالاستعانة بالكوادر البشرية المتخصصة والطموحة لتأسيس مشروع "صناعة الأبطال"، لا تلك التي تبحث عن المناصب واللجان، وكأنه لا يُوجد غيرها في هذه البلاد.
--------------------------------
همسة لمعالي الشيخ وزير الشؤون الرياضية، ومعالي الدكتورة وزيرة التربية والتعليم: "ثم ارجع البصر كرتين".. هؤلاء ستجدونهم في الميدان وليس في الأبراج العاجية العالية، هؤلاء من نبحث عنهم ومن سيرتقون برياضتنا وأبنائنا بدنيا وفكريا.