ترجمة- رنا عبدالحكيم
تواجه العلاقات الأوروبية الإسرائيلية منعطفا بالغ الأهمية قد يهدد مستقبلها، وذلك عندما تستضيف تل أبيب مسابقة الأغنية البوب السنوية الأوروبية "يوروفيجن".
ووفقا لتقرير نشرته مجلة "فورين بوليسي"، ففي الوقت الذي تكافح فيه أوروبا لإعادة تعريف علاقاتها مع بريطانيا وتجاوز غضبها من علاقتها بإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فإن علاقة القارة مع إسرائيل قد تكون الأكثر تعقيدًا. ويقول التقرير إن العديد من الإسرائيليين لا يزالون ينظرون إلى أوروبا على أنها منبع معاداة السامية، وهي مسألة قد تكون كامنة بصفة عامة، لكنها واضحة للغاية في بعض الأحيان. ويعتبر الكثير من الأوروبيين أن الحكم العسكري الطويل لإسرائيل على ملايين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، أحد أبشع انتهاكات حقوق الإنسان في العالم. وكل هذه التوترات قد تبلغ ذروتها في شهر مايو المقبل، عندما تستضيف إسرائيل هذه المسابقة.
ويرجع تاريخ يوروفيجن إلى 63 عاماً مضت، فقد أنشئت على يد مجموعة من المذيعين الأوروبيين كوسيلة لِلَم شمل أوروبا الغربية خلال الحرب الباردة. وتطورت على مر السنين لتشمل عشرات الدول وتحولت إلى منصة انطلاق لأعمال البوب العالمية.
وظهرت إسرائيل لأول مرة في يوروفيجن عام 1973، رغم أنها ليست دولة أوروبية من الناحية الفعلية، لكنها تمكنت من الانضمام لأن هيئة الإذاعة الإسرائيلية كانت عضوًا في اتحاد الإذاعات الأوروبية. ومنذ ذلك الحين، احتلت المسابقة مكانة خاصة في الخيال الإسرائيلي، وفازت إسرائيل أربع مرات.
وحصلت إسرائيل على الحق في تنظيم دورة هذا العام بعد أن احتلت ممثلتها نيتا برزيلاي المركز الأول العام الماضي. وتستعد تل أبيب، المدينة المضيفة، لتدفق هائل من الجماهير؛ حيث قامت بإنشاء العديد من المعسكرات واستئجار سفينة سياحية (فندق عائم) لاستيعاب ما يزيد عن الفنادق، حيث سيتوافد على المسابقة جماهير وممثلين لنحو 42 دولة.
غير أن التوترات بدأت تتصاعد منذ أن بدأت إسرائيل بالتخطيط للحدث العام الماضي، فقد ضغط اتحاد البث الأوروبي على إسرائيل لتأكيد التزامها بأنها لن تعرقل دخول وفود يوروفيجن لأسباب سياسية، وهي مخاوف تستند إلى ميل ضباط الحدود الإسرائيليين إلى الاستجواب وأحيانًا رد الزائرين الصريحين في دعمهم للفلسطينيين. وقد أثارت محاولة لعقد الاحتفالات في القدس احتمال أن تستخدم حكومة إسرائيل المسابقة كمنصة لتسليط الضوء على مطالبتها بالمدينة عاصمة لها. وفي نفس الوقت دعا مساندو حملة مؤيدة للفلسطينيين لمقاطعة المسابقة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ضد إسرائيل مما دعا الفنانين إلى الابتعاد.
وقالت جاليا بريس برناتان أستاذة العلاقات الدولية في الجامعة العبرية بالقدس "هناك الكثير من السياسة في المنافسة"، مضيفة: "إنها نقطة محورية رائعة للعلاقات بين إسرائيل وأوروبا وإسرائيل والاتحاد الأوروبي". ووصفت برناتان العلاقات بأنها لم تكن أفضل من أي وقت مضى، ولكن أيضاً لم تكن الأسوأ.
وظل الاتحاد الأوروبي مؤيدًا صريحًا لحل الدولتين، على الرغم من أن الولايات المتحدة أصبحت أقل صخبًا بشأن هذه القضية ، وأصبحت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو معادية لهذه الفكرة. وأصر الاتحاد الأوروبي أيضًا على تسمية المنتجات المصنوعة في مستوطنات الضفة الغربية للبيع في أوروبا بأنها "مستوطنة إسرائيلية" بدلاً من "صنع في إسرائيل" حتى لا يستفيدوا من اتفاقية التجارة الحرة وحتى يعرف المستهلكون الأوروبيون ما هم بصدد شرائه بموجب برنامج بحثي مشترك ، خصص الاتحاد الأوروبي حوالي 150 مليون دولار من المنح البحثية والمشاريع المشتركة مع الجامعات الإسرائيلية ولكنه أغضب السياسيين الإسرائيليين من خلال النص على وجوب إنفاق الأموال داخل حدود البلاد قبل عام 1967.
ودفعت هذه الإجراءات وغيرها نتنياهو إلى اتهام الاتحاد الأوروبي في أواخر العام الماضي باتخاذ موقف "منافق وعدائي" تجاه إسرائيل. ومنذ سبع سنوات، حالت الخلافات بشأن السياسة تجاه الفلسطينيين دون عقد ما يُفترض أن تكون قمة دبلوماسية ثنائية سنوية حول علاقات إسرائيل مع الاتحاد الأوروبي. وقال عوديد عيران السفير الإسرائيلي السابق لدى الاتحاد الأوروبي وباحث في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب: "بالتأكيد تتبنى أوروبا وإسرائيل سياسة الابتعاد عن بعضهما البعض".