قانون الجذب في الإسلام

 

يوسف العطار | مسقط
استشاري تربوي ومدرب في التنمية البشرية
كثيرا ما نسمع عن قانون الجذب ونحن بين مؤيد ومعارض، وبين مصدق ومكذب، وكل إنسان له فلسفته الخاصة ووجهة نظره الشخصية حول ذلك. وأغلب الرافضين لفكرة قانون الجذب يحومون حول فكرة أن هذا الموضوع أتى إلينا من ثقافات وديانات غير مسلمة وذات عقائد كفرية وشركية. وهذا لا شك أنه صحيح، فمن المسلمات أن يحافظ المرء على دينه والتعاليم الإلهية كي لا يحيد عن الطريق المستقيم الذي رسمه الله للبشرية.
لكن بقليل من الرؤية العامة نجد أن قانون الجذب في الديانات الأخرى يشبه تماما، مفهوم عبادة قلبية عظيمة في حياتنا كمسلمين نغفل عنها كثيرا، ألا وهي حسن الظن بالله وصدق التوكل عليه سبحانه مع الأخذ بالأسباب.  حيث يقول رواد هذا العلم في العالم بأن كل إنسان يوجه تفكيره بإيجابية نحو أي هدف يرغب في الوصول إليه فإنه سيجذبه في حياته، وسيتحول إلى واقع ملموس، بشرط أن يؤمن إيماناً كاملا لا يقبل الشك أنه سيحصل عليه ويحققه لا محاله.
هذا ما يقوله غير المسلمين، ونحن بين أيدينا كتاب ربنا ينطق علينا بالحق ، ولكننا بعيدين عنه كل البعد - إلا من رحم الله - .
ألم تسمع قول الله تعالى:
وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة 186]
تأمل معي هذا النص القرآني الرائع الذي اشتمل على عناصر الجذب الدقيقة  وأسقطها على واقع حياتك وهي:
" وإذا سألك عبادي عني" السؤال بمعنى الطلب، فانظر إلى دعائك هل أنت تطلب من ربك أم تشتكي إليه، ربك يفتح لك آفاق للدعاء وأنت تكثر الشكوى والألم فلا تجذب في حياتك إلا التعب والألم، ولو أنك طلبت العفو والعافية ، والمال والذرية ، لحقق لك ربك أمانيك. " فإني قريب " ونحن للأسف نلجأ لغيره في صلاح أحوالنا وتيسير أمورنا.
"أجيب دعوة الداع " هل جربت أن تدعوه بصدق ليجيب دعوتك؟ هل أقسمت على ربك أن يجيب دعوتك؟
جرب أن تخلو مع نفسك في الثلث الأخير من الليل مع ربك، بدون واسطة ولا رياء وسمعه، انطرح بين يديه وأخبره ماذا تريد، فلن يردك خائبا، فأنت بين يدي رب العزة والجلال، من بيده كنوز الدنيا والآخرة، وسبحانه لا يعجزه أن يجيب دعوتك.
" فليستجيبوا لي "هل قمت بما أمرك، وانتهيت عما نهاك عنه وزجرك. " وليؤمنوا بي " هل دعوت ربك بيقين أم أنك تجرب أحد الطرق المطروحة، وفِي داخلك شك في تحقيق ما تريد، فسبحان من يقول للشيء كن فيكون. " لعلهم يرشدون " لعلهم يهتدون إلى ما يريدون، ويصبح الحلم حقيقة ، والغاية واقعا ملموسا.
وبعد هذا نتذمر من أحوالنا ونقول  لماذا لا تستجاب دعواتنا، ولا نجذب إلا النحس في معيشتنا وأيامنا. لا تكن كمن قال الله تعالى فيهم : (يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ) وقال الله تعالى في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي؛ فليظن بي ما شاء) ، وقال الله تعالى: (أنا عند ظن عبدي بي؛ إن ظن بي خيراً فله، وإن ظن شراً فله).
اعلم أن البعض سيقول كيف نوفق بين هذا الكلام وبين ما يحصل من جذب للثراء والغنى والرزق لغير المسلمين؟
الجواب سهل جدا:
أولئك حققوا شروط الجذب إلا أنهم نسبوها للكون والشمس والقمر والجبال والطبيعة وكل هذه من عظيم ما خلق الله .. فكان نصيبهم في قول الله تعالى:
- (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [الأعراف 32]
- (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ) [الأحقاف 20]
لا يغرك ما نالوا من الشرف والرفعة والمال والخير في الدنيا فهي أقصى أمانيهم، أما المؤمن فله العطاء في الدارين في الدنيا والآخرة، فإذا حققت الشروط الواجبة ستنال ما تريد في الدنيا بإذن الله، وسيكون لك الجنة في الآخرة لأنك طبقت القانون الإلهي كما يجب عليك.. تأمل وطبق.
الخلاصة:
أصلح ما بينك وبين ربك يصلح الله ما بينك وبين أحوالك، وستجذب إليك كل ما تتمنى.

 

تعليق عبر الفيس بوك