كنوز لا تشترى

 

آلاء الغزالي

 

يوما بعد يوم تزداد شروط الرفاهية قسوة بعدما أصبحت الكثير من الكماليات اليوم في قائمة الأولويات.. وأصبحت أحلامنا تتسع للكثير من الأمور الثانوية التي لم تكن في الحسبان يوما أنّها ستغدو من أحلامنا..

ننام لنصحو على شكل جديد من أشكال الراحة ومفهوم آخر من مفاهيم السعادة وجميعها تتمحور حول المادة.. كن أكثر راحة باقتنائك مركبة ما وأكثر سعادة بزيارتك لمدينة ما وأكثر تألقا بارتدائك لحذاء ما وأكثر صحة بتناولك لطعام ما.. تلك الشعارات البراقة من السعادة والراحة والمتعة وغيرها. شعارات تستهويها النفس البشرية وتستثير فيها الرغبة الملحة لظفر بأثواب جديدة من السعادة.. ولكن المتأمل لواقع الأمر يجد أنّ تنوع تلك الإعلانات وازياد تلك الشعارات ما هو في الواقع إلا نقصان من الراحة الحقيقة وسلب للسعادة والطمأنينة.. فلأي سبب من الأسباب قد لايستطيع الإنسان الظفر بما قد راق لنفسه واستواه فؤاده.. فيدخل الإنسان في دائرة من الحزن ما كان ليشعر بها لولا أن عينه وقعت على ذلك الإعلان.

إنّ هذا النوع من الإعلانات التي تملأ وسائل التواصل الاجتماعي وتجعل الإنسان يعيش بين سندان الواقع ومطرقة رغبات النفس. قد أخفتت بريق أنواع أخرى من السعادة الحقيقية التي لا تقدر بثمن والتي في متناول اليد وأمام العين وربما قد مرّت سنين دون استشعارها.. هذا النوع من السعادة لا يوجد إعلان يعلن عنه ولا وسائل تواصل تروّج له.. وهو غالبًا ما يأخذ فتات أوقاتنا بعد أن يكون قد أرهق أجسادنا نهار يوم طويل في العمل والسعي لتوفير متطلبات السعادة الأخرى..

السعادة التي أنشدها هنا هي التي تأتي في هيئة حضن أم وتقبيل جبين أب والاستماع إلى ضحكة ابن والبوح لأخ والوفاء لصديق.. هي التي تأتي على هيئة دعوة صادقة ويد حانية وحضن دافئ وبيت ساتر آمن..

وهي التي تخبرنا أنّه إن أرهق أجسادنا السعي وراء أنواع السعادة الأخرى فهيا السعادة النقية التي تأتي دون أجر.

لست هنا بصدد تفنيد أنواع السعادة ولا تزكية نوع على آخر ولكن استحضارا لجوانب من السعادة أرهقتها المادة والحياة المعاصرة.. فخفت في القلب بهجتها وضعف في النفس أنسها.. وقل استشعارها.

تعليق عبر الفيس بوك