ألم الفراق في "تراب الغياب" لآمال غزال


إسراء عبوشي| فلسطين

قدمت الشاعرة آمال الغزال الحزن بقالب ناعم هاديء، ليجد المتلقي نفسه أمام مشهد  درامي مركب يعبر فيه عن ألم الفقد بصورة بسيطة، تستدرج عاطفة المتلقي يتماهى مع القصيدة بمعانيها. جعلت  الشاعرة فاتحة القصيدة ألفاظا بيضاء مما سهل الولوج  للقصيدة ولحالة الفراق والألم.
أجلس هناك
على أرجوحة الألم
في  المقعد المواجه/ لحافلة الغياب
يلف عنق صمتي/ حبل الذكريات
لأحتضن/ الجمل الهاربة/ عن جسد الكلمات
القصيدة تصور ما بالقلب بلغة شفيفة، نسيج  شعري صوري نابض بالتأمل، العاطفة منبثقة من ثنايا الروح  ولوعة الغياب.
فيضيق بي / صدر المعاني
يلفظني/ حروفا مبعثرة
على صفحة الذكرى
وفي الصفحة الأخيرة
أغلق الكتاب/ على وجعي
لأمتطي إليك أحزاني
بصهيل جنوني
لعل خيول الشوق/ تحملني
,,,لتسرقني / من دهاليز نفسي
مشاعر الشاعرة فيض نبيذ معتق يرى الحقيقة في السكرة والفكرة في حالة لا يغيب عنها الوعي، ترى الإنسانية بشفافية ذاتها تنبجس من رؤياها عالم شعري خاص في لغة شعرية تنساب كشلال رقيق حينا، وهادر حينا آخر.
لأتنفسك
لأتشرنقك
علني آخذ من حضنك ضمه
وأقرأ من كتاب دفئك ومضة
لأغتسل من نمنمات فكرة
أمتطي جنوني صهوة لقاء
,,,يختزلني جنوني

يحملني حيث أنت
الشوق السابح في مسرى بلا عودة يحيل الذكريات الى جنون، ويغلق الكتاب، تفر الشاعرة  في  لحظات الوداع الأخير لتتشبث بما ورثته من والدتها لعل ذلك بعض حياة، سلوى قبل الرحيل.
,,,آه
آه لو كان بوسعي
أن أجد جوابا لكل سؤال
وأن أخلق للصمت صخب الكلام
وحلما لكل محال
وأعيدني لغة جديدة
تكتبني وتمحوني
,,,دون علامات استفهام
,,,وضمير غائب
ومبني للمجهول
تأتي الآه مع التمني  لتوغل مشاعر المتلقي  في سبر غور الرحيل
وتلك الصيغ الضبابية
تشي بحزني,,, لتنهمر كمائني
بأبجدية / تزمجر ألماً
في مواسم الرحيل
هوادج قواف / توهجت / في هشيم الأهازيج
,,, الغياب
و رائحة / الوقت الحزين
وغارات اللألم / تعاقر الأفكار المتعثرة
المكان في القصيدة مرتبط  بالأم، رغم تشتت أفكار الشاعرة  وحيرتها، تستدعي ذاكرتها  صور  من  طفولتها، ترافق الأم أينما  تواجدت، تلة ومنعطف وطرق وبراءة  طفلة  تبتعد  قليلا  لتلعب  بالرمل، ثم تعود لحضن الأم .
على طرق الأسئلة الوعرة
والطريق إليك
تلة تشتهيني
واشتهيتها مراراً
فأخذت
بعضي
باحثة عن رمل الطفولة
أتقاسمه / عند كل منعطف
معك
,,,هناك
كانت تنتظرني
فاركض لاهثة
لأحتضنها
,,,,رحلت
وتركت/ الكثير من بياض الكلام
مدونا على رخام الأيام
للرحيل  مواسم  تلهب الذاكرة، تقرر مواسم الرحيل الزمان، والحنين والأشواق للأخ حينا  وللأم حينا  آخر.
ثم تتسائل الشاعرة
فمن يرأب صدع وحشتي
من يجيد قراءة حرائقي
ويحتضن رمادي
, منذك
ربيعي / يشتعل حنينا لشمسك
,,,, أشتقاقك
كل أزهار الدنيا
وأزهار غرستها يداك
لونيني بزهرك
لم تعد ألواني أرجوانيه
بمزج لقائك
مرت صباحاتي/ دونها
أحن إلى أنفاس صبح
يربت عبق أنفاسي
لينضو عن كاهلي تراب الغياب
تراب الغياب يعلق بالروح والمواسم والذكريات، الشاعرة تريد أن  ينضوي الموت عن  كاهلها لتحظى بفرح الذكريات وتستدعي ماضي الأيام بسعادة. تنهي  الشاعرة القصيدة  بلمسة ملائكية ترتبط بالأم  
وينثر الحبق / على مواسمي
بيادر خشوع / في ملكوت ذكراها
ملأى بسنابل / أثقلتها الأشواق
تغرد بتسابيح قلب / ينبض هواها
,,,لا محراب
لا قبلة
للروح سواها
فاللذكرى ملكوت
وللقلب  تسابيح
وينتفي  المحراب
وقبلة الروح بنفي  وجودها.

 

تعليق عبر الفيس بوك