لا تضحي لأجل من لا يستحق!

 

مدرين المكتومية

madreen@alroya.info

 

تحلم الكثير من الفتيات طوال حياتهن بحياة زوجية مثالية وبمكانة مرموقة وتطلع لبناء حياة منظمة تسودها الألفة والمحبة والرضا مع شريك العمر، لكن من الأسف لا يتمكن البعض منهن من تحقيق ولو جزء بسيط من هذه الأحلام، فتستيقظ بعد الزواج على واقع هو أقل بكثير مما تستحق، ويختلف تماما عما كانت تصبو إليه.

وهنا تجد الفتاة نفسها أمام مرآة الضمير تتساءل عمّا وقع لها من أحداث عقب قرار الزواج من شخص غير مسؤول ولا يدرك أبسط معاني العيش المشترك القائم على المودة والأمانة والرحمة.

حين تفكر المرأة في الزواج فإنها تبحث عن الاستقرار وبناء أسرة سعيدة تبنى علاقاتها الداخلية على المودة، ونظرًا لطبيعة المرأة العاطفية فدائما ما يقع عليها عبء المسؤولية عن الكثير من تفاصيل الحياة الزوجية والتزاماتها، لاسيما الالتزامات المادية، فهي تتحول إلى مدير مالي وإداري للمنزل، فيما يمضي الزوج وراء مصالحه التي تحقق سعادته هو فقط، في لحظة أنانية بغيضة، ينسى خلالها مسؤولياته تجاه أسرته، ويتحول الأمر تدريجيا إلى أنّ طرفا واحدا فقط هو المسؤول عن كل شيء، والآخر غير مكترث!

من هنا تبدأ الحياة في التفكك ويفقد الطرفان القدرة على السيطرة، وتشتعل الخلافات، فقد غابت المودة والرحمة، وانعدمت المسؤولية المشتركة، وبات أحدهما يتصرف بلا مبالاة غير مسبوقة، فتنهار تطلعات الزوجة في تغير الأحوال، وتتحطم آمالها في انصلاح حال الزوج، وتصطدم مرة تلو الأخرى بحائط منيع اسمه "النذالة". ففي كل مرة تسعى فيه الزوجة لإصلاح الزوج لا تجد سوى التراجع والخذلان من جانب "الزوج"، إذا صحت التسمية في تلك الحالة، وبالتالي تنعدم المشاعر وتمضي الحياة فقط من أجل صالح الصغار الذين تخشى الأم عليهم تقلبات الزمن فيما أبوهم غائب عنهم.

هذا النموذج من العلاقات الزوجية يتكرر للأسف في مجتمعنا، في صور مختلفة، لكن الأسوأ منها يتمثل في رغبة الطرفين في الانتقال إلى مستوى معيشي أفضل مما هما عليه، فيلجأن إلى الاقتراض والديون، وهنا يطلب الزوج من زوجته أن تتولى هي مسؤولية كتابة الشيكات بل وتسدد عن زوجها قروضا حصل عليها في مرات سابقة، انطلاقا من قناعتها بأنّهما سيعيشان سويا طيلة حياتهما، غير قادرة على أن تستوعب أنّ هناك الكثير من الرجال الذين يعيشون الحياة على مراحل، ويرفضون أن يقضونها بمرحلة واحدة تختتم كل الأشياء التي يبحثون عنها. ومحصلة هذه المسؤولية التي ترفعها المرأة على عاتقها دون وسعها، أن ينتهي الأمر بالكثير منهن في أروقة المحاكم، متعثرات عن سداد الديون، ويواجهن قضايا مالية وقروضا متراكمة.. حينها تكتشف سذاجتها في وقت متأخر بعد أن مضى قطار العمر سريعا وخطف زهرة شبابها وتركها كالوردة الذابلة التي فقدت نضارتها في لحظة انتزاعها عن بيئتها واقتلاعها من جذورها، ومما يعمق أسفها وحسرتها أن تجد من يسمى بـ"الزوج" وقد تخلّى عنها وفر هاربا، بحجة أنّه لا يستطيع أن يساعدها، فيكون رد الجميل بالاساءة وانعدام النخوة.

إنّ البعض في مجتمعنا يعايش قصصا مماثلة، ربما تختلف التفاصيل، لكن المقدمات والنتائج متشابهة، فالفتاة التي تلقت صدمة مبكرة في زوجها نتيجة لخيانته أو عدم تحمله للمسؤوليات، تعاني مشقة الحياة، وتكافح من أجل أن تعيش حياة مستقرة ولو في حجرة صغيرة. بكل تأكيد لا أقول إنّ الرجال كلهم على هذه الشاكلة، بل على النقيض تماما، هناك رجال كالذهب كلما مضى الوقت زادت قيمتهم، وهم مكسب لمن يعيش معهم. لكن ما أود قوله إنّه يتعين على كل امرأة أن تتحلى بالواقعية وأن تدرك جيدا أن الرجل الذي قررت أن تقضي حياتها معه هو راعٍ لها ويجب أن يكون مسؤولا عن رعيته، فلا تبني أحلامها على الماء، وتُشيّد عش زوجيتها على الورق، بل عليها أن تدرك نتائج وأبعاد أي قرار تتخذه، خاصة إذا ما ارتبط بمستقبلها ومستقبل أبنائها.